به بعد ترخيص الشارع فيه واقعاً (١).
ثم إن هذا كله بالإضافة إلى غير مالك الأرض من سائر المكلفين ، وذلك لسقوط الواجب الكفائي بالدّفن في الأرض المغصوبة نسياناً فلا مرخص لهم في نبشه ودفنه في موضع مباح.
وأمّا بالإضافة إلى نفس المالك فلا يبعد جواز النبش حتى إذا دفن الميِّت في أرضه نسياناً ، وذلك لأنه من تزاحم الحقين ، حيث إن نبشه يوجب هتكه فرضاً ، فحق حرمة الميِّت يقتضي عدم جواز النبش ، مع أن تركه وإبقاءه في قبره ينافي حق المالك لتضرّره بذلك لدخول النقص على أرضه ولو لأجل كونه موجباً للخوف من القبر والميِّت ، ونحن لو لم نرجح الحق الراجع إلى الحي ولم نناقش في أن النبش لأجل كون الأرض مغصوبة ليست هتكاً له فالحقان متساويان ويتساقطان ، ويبقى عموم تسلط الناس على أموالهم بحاله وهو يقتضي جواز إخراج الميِّت من قبره ودفنه في أرض أُخرى مباحة.
وبهذا ظهر أن الميِّت كما يجوز نبشه عند دفنه في الأرض المغصوبة عمداً وعلماً بالغصبية كذلك يجوز نبشه إذا دفن فيها جهلاً أو نسياناً ، إلاّ أن ذلك بملاكين ، فإنه عند العلم أو الجهل بالغصبية بملاك عدم كون الدّفن مأموراً به واقعاً فينبش مقدمة للدفن المأمور به ، ولا يفرق فيه بين المالك وغيره ، وأمّا عند النسيان فبملاك تزاحم الحقين وعموم « الناس مسلّطون على أموالهم » (٢) ومن ثمة يختص الجواز بالمالك دون غيره من المكلّفين ، لكون الدّفن مأموراً به واقعاً وموجباً لسقوط الواجب الكفائي عنهم.
الصورة الثانية : ما إذا كان الدّفن في أرض الغير جائزاً ظاهراً وواقعاً بحسب الحدوث ، لعدم تمكن المالك من إظهار عدم الرضا حينئذ شرعاً لكنه أظهر عدم الرضا بدفن الميِّت في أرضه بحسب البقاء ، كما لو استأجر أحد أرضاً لخصوص دفن الأموات فيها أو لعموم التصرّفات التي يشاؤها ومنها دفن الميِّت فيها فدفن ميتاً في هذه الأرض لجوازه بالإجارة إلاّ أن المالك بعد انقضاء الإجارة أظهر عدم رضاه بدفنه فيها.
__________________
(١) شرح العروة ٥ : ٣١٧ فما بعد.
(٢) عوالي اللّئالي ١ : ٢٢٢ ، البحار ٢ : ٢٧٢ / ٧.