آخر بدل عن الوضوء.
والأمر في المقام كذلك ، لأنّ الواجب متعدد وهو كل واحد من الأغسال ، ومن ثمة ورد في بعض الأخبار أنّ الواجب في غسل الميِّت ثلاثة أغسال (١) وفاقاً لصاحب الجواهر قدسسره حيث عبّر بلفظة « كل » بقوله : « إن كل واحد من الأغسال الثلاثة كغسل الجنابة » (٢) ومع تعدد الواجب لا بدّ من تعدد التيمم بدلاً عن الأغسال المتعذرة ، هذا.
بل يمكن أن يقال : إن ما ذكره المشهور من أن أثر الأغسال واحد وهو حصول الطهارة فبدلها تيمم واحد لو تمّ ، فإنّما يتم على مسلكهم من أنّ الطهارة مترتبة على الغسل والوضوء والتيمم ، وتلك محصلات للطهارة وأسباب لها ، ومن هنا ذهبوا إلى عدم جريان البراءة عند الشك في اعتبار شيء في الغسل والوضوء والتيمم ، نظراً إلى أنّ المأمور به أمر بسيط وهو الطهارة ولا شك فيه ، وإنّما الشك في المحصّل ومعه لا بدّ من الاحتياط.
وبهذا علل شيخنا الأنصاري قدسسره عدم جريان قاعدة التجاوز في تلك الأُمور ، بدعوى أنّ الطهارة شيء واحد لا يتحقق التجاوز فيها عند الشك في الأثناء (٣).
وأمّا بناءً على ما سلكناه من أنّ الطهارة هي نفس الوضوء أو الغسل ، فإنّه اعتبر نوراً في الأخبار أو نوراً على نور (٤) ، لا أنّها شيء آخر يترتب عليها ، وقد ورد في صحيحة زرارة « وهو على وضوء » (٥) وفي جملة من الأخبار أنّ الوضوء ينقضه كذا ولا ينقضه كذا (٦) ومن الظاهر أنّ الكون على الشيء أو انتقاضه إنّما يتصوّر فيما إذا كان
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٤٧٩ / أبواب غسل الميِّت ب ٢ ح ١ ، ٢ وغيرهما.
(٢) لاحظ الجواهر ٤ : ١٣٣ ولكن لم يعبّر بلفظة ( كل ) إلاّ أن عبارته دالّة عليه.
(٣) فرائد الأُصول ٢ : ٧١٣.
(٤) الوسائل ١ : ٣٧٧ / أبواب الوضوء ب ٨ ح ٨.
(٥) الوسائل ١ : ٢٤٥ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ١.
(٦) الوسائل ١ : ٢٤٥ ٢٥٦ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ٣.