وأمّا الصورة الثالثة
وهي ما إذا أمكن الكافور دون السدر فهل يتخيّر بين صرف الماء في الغسل بالكافور وصرفه في الغسل بالقراح ، بعد سقوط الغسل بالسدر للتعذّر ووصول النوبة فيه إلى التيمم؟
فقد ظهر ممّا قدّمناه في الصورتين المتقدمتين تعين صرف الماء في الغسل بالكافور مع التيمم قبله بدلاً عن الغسل بالسدر وبعده بدلاً عن الغسل بالقراح ، وذلك لما تقدّم من عدم جريان قاعدة الميسور في نفسها ، وعدم انطباقها في المقام لو جرت لمغايرة الغسل بالماء مع الغسل بالسدر وعدم كونه ميسوراً منه ، فينتقل الأمر في الغسل بالسدر إلى التيمم لتعذّره ، وبما أنّ الغسل بالكافور متمكّن منه في حقّه لوجود الماء مع الكافور فيجب صرفه فيه ، إذ لا مسوغ للتيمم بدلاً عنه ، فانّ المسوغ إمّا هو الفقدان الحقيقي وهو ظاهر الانتفاء ، وإمّا هو الفقدان التعبّدي فلعدم الدليل على وجوب صرفه في الغسل بالقراح ، لأنّ المخالف يدّعي التخيير لا التعيين فيجوز معه صرف الماء في الغسل بالكافور ، وغسل الميِّت إذا جاز وجب ، وبعده يكون المكلّف فاقداً للماء حقيقة فيسوغ له التيمم بدلاً عن القراح.
وأمّا الصورة الرابعة
وهي ما إذا أمكن كلا الخليطين ، فالمحتمل فيها ابتداءً هو التخيير بين الأغسال الثلاثة للتمكّن من أحدها وإن لم يتعرّض الماتن له وإنّما تعرّض للتخيير بين الغسلين إلاّ أنّ الصحيح وجوب صرفه في الغسل بالسدر ، لأنّه متمكّن منه وجداناً وهو واضح ، وتعبّداً لعدم احتمال تعين الثاني والثالث فيجوز صرفه في الأوّل ، وقد عرفت أنّ غسل الميِّت إذا جاز وجب ، وبعده ينتقل إلى التيمم في الغسل بالكافور والقراح ، لعدم التمكّن منهما عقلا.