بسم الله الرحمن الرحيم
٥
(باب)
*(دخوله الشعب وما جرى بعده إلى الهجرة ، وعرض نفسه على)*
*(القبائل ، وبيعة الانصار ، وموت أبى طالب وخديجة رضى الله عنهما)*
١ ـ عم ، ص : اجتمعت قريش في دار الندوة وكتبوا صحيفة بينهم أن لا يؤاكلوا بني هاشم ولا يكلموهم ، ولا يبايعوهم ، ولا يزوجوهم ، ولا يتزوجوا إليهم ، ولا يحضروا معهم حتى يدفعوا إليهم محمدا فيقتلونه ، وإنهم يد واحدة على محمد يقتلونه غيلة أو صراحا ، فلما بلغ ذلك أبا طالب جمع بني هاشم ودخلوا الشعب وكانوا أربعين رجلا ، فحلف لهم أبوطالب بالكعبة والحرم والركن والمقام إن شاكت محمدا شوكة لاثبن(١) عليكم يا بني هاشم ، وحصن الشعب ، وكان يحرسه بالليل والنهار ، فإذا جاء الليل يقوم بالسيف عليه ، ورسول الله (ص) مضطجع ، ثم يقيمه ويضجعه في موضع آخر فلا يزال الليل كله هكذا ، ويوكل ولده وولد أخيه به يحرسونه بالنهار فأصابهم الجهد ، وكان من دخل مكة من العرب لا يجسر أن يبيع من بني هاشم شيئا ومن باع منهم شيئا انتهبوا ماله ، وكان أبوجهل والعاص بن وائل السهمي و النضر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط يخرجون إلى الطرقات التي ، تدخل مكة ، فمن رأوه معه ميرة(٢) نهوه أن يبيع من بني هاشم شيئا ، ويحذرون إن باع شيئا منهم أن ينهبوا ماله ، وكانت خديجة رضي الله عنها لها مال كثير فأنفقته على
____________________
(١) لعل الاصح ، لاتين عليكم. يقال : أتى عليه الدهر أى أهلكه.
(٢) الميرة : الطعام.