لدخول الخوف عليهم بذلك على ما يكون من طبع البشر ، ويحتمل أن يكون قالوا(١) ذلك استفهاما لا إنكارا ، وقيل : إنما قالوا ذلك لانهم ركنوا إلى الدنيا ، وآثروا نعيمها « لولا أخرتنا » أي هلا أخرتنا « إلى أجل قريب » وهو إلى أن نموت بآجالنا ، والفتيل : ما تفتله بيدك من الوسخ ثم تلقيه عن ابن عباس ، وقيل : ما في شق النواة ، لانه كالخيط المفتول ، والبروج : القصور ، وقيل : بروج السماء وقيل : البيوت التي فوق الحصون ، وقيل : الحصون والقلاع ، والمشيدة : المجصصة أو المزينة ، وقيل : المطولة في ارتفاع « وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله » قيل : القائلون هم اليهود قالوا : ما زلنا نعرف النقص في ثمارنا ومزارعنا منذ قدم علينا هذا الرجل ، فالمراد بالحسنة الخصب والمطر ، وبالسيئة الجدب والقحط ، و قيل : هم المنافقون عبدالله بن ابي وأصحابه الذين تخلفوا عن القتال يوم احد قالوا(٢) للذين قتلوا في الجهاد : « لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا » فالمعنى إن يصبهم ظفر وغنيمة قالوا هذه من عند الله ، وإن يصبهم مكروه وهزيمة قالوا : هذه من عندك ، وبسوء تدبيرك ، وقيل : هو عام في اليهود والمنافقين ، وقيل : هو حكاية عمن سبق ذكرهم قبل الآية ، وهم الذين يقولون : « ربنا لم كتبت علينا القتال(٣) ».
قوله تعالى : « يسألونك عن الانفال » قال الطبرسي رحمهالله اختلف المفسرون في الانفال ههنا فقيل : هي الغنائم التي غنمها النبي صلىاللهعليهوآله يوم بدر عن ابن عباس وصحت الرواية عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهماالسلام أنهما قالا : إن الانفال كل ما اخذ من دار الحرب بغير قتال ، وكل أرض انجلى أهلها عنها بغير قتال ، وميراث من لا وارث له ، وقطائع الملوك إذا كانت في أيديهم من غير غصب ، والآجام وبطون الاودية ، والارضون الموات وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه ، وقالا : هي لله
____________________
(١) في المصدر : أن يكونوا قالوا.
(٢) في المصدر : وقالوا.
(٣) مجمع البيان ٣ : ٧٧ و ٧٨. والمنقول في الكتاب مختصر ومختار من المصدر.