فمعناه أن هذا خير لكم كما أن إخراجك من بيتك على كراهية جماعة منكم خير لكم ، وقريب منه ما جاء في حديث أبي حمزة الثمالي : فالله ناصرك كما أخرجك من بيتك وقوله : « بالحق » أي بالوحي ، وذلك أن جبرئيل أتاه وأمره بالخروج ، وقيل : معناه أخرجك ومعك الحق ، وقيل : أخرجك بالحق الذى وجب عليك وهو الجهاد « وإن فريفا من المؤمنين » أي طائفة منهم « لكارهون » لذلك للمشقة التي لحقهم « يجادلونك في الحق بعد ما تبين » معناه يجادلونك فيما دعوتهم إليه بعد ما عرفوا صحته وصدقات بالمعجزات ، ومجادلتهم : قولهم هلا أخبرتنا بذلك ، وهم يعلمون أنك لا تأمرهم عن الله إلا بما هو حق وصواب ، وكانوا يجادلون فيه لشدته عليهم ، يطلبون بذلك رخصة لهم في التخلف عنه ، أو في تأخير الخروج إلى وقت آخر ، وقيل : معناه يجادلونك في القتال يوم بدر بعد ما تبين صوابه « كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون » أي كان هؤلاء الذين يجادلونك في لقاء العدو لشدة القتال عليهم حيث لكم يكونوا مستعدين له ، ولكراهتهم له من حيث الطبع كانوا بمنزلة من يساق إلى الموت وهم يرونه عيانا وينظرون إلى أسبابه(١) « وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم » يعني واذكروا واشكروا الله إذ يعدكم الله أن إحدى الطائفتين لكم : إما العير ، وإما النفير « وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم » أي تودون أن لكم العير وصاحبها أبوسفيان ، لئلا تلحقكم مشقة دون النفير وهو الجيش من قريش ، قال الحسن : كان المسلمون يريدون العير ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله يريد ذات الشوكة ، كنى بالشوكة عن الحرب لما في الحرب من الشدة ، وقيل : الشوكة : السلاح « ويريد الله أن يحق الحق بكلماته » معناه والله أعلم بالمصالح منكم ، فأراد أن يظهر الحق بلطفه ، ويعز الاسلام ويظفركم على وجوه القريش(٢) ، ويهلكهم على أيديكم بكلماته السابقة وعداته في قوله تعالى : « ولقد
____________________
(١) في المصدر : وهم ينظرون إليه وإلى اسبابه.
(٢) هكذا في النسخ وفى نسخة المصنف أيضا. وهو من سهو القلم والصحيح كما في المصدر : قريش بلا حرف تعريف.