يريدون بها الكثرة وتوفر العدد ، وأنهم جاؤوا جميعا لم يتخلف منهم أحد ، وليس هناك بكرة في الحقيقة ، وهي التي يستقى عليها الماء ، فاستعيرت في هذا الموضع ، و قال الجوهري : الندوة والنادي : مجلس القوم ومتحدثهم(١) ، ومنه سميت دار الندوة بمكة التي بناها قصي ، لانهم كانوا يندون فيها ، أي يجتمعون فيها للمشاورة انتهى والدس : الاخفاء. والدسيس : من تدسه ليأتيك بالاخبار. قوله : وههنا غير ابن أبي قحافة ، لعله استفهام إنكاري ، أي ليس ههنا أحد يشبه قدمه هذا القدم إلا ابن أبي قحافة ، وفي بعض النسخ عبر بالعين المهملة والباء الموحدة كما في ( عم ) وهو أصوب أي أشار إلى موضع عبوره أو مبدأ لحوقه ، وعلى الاول يحتمل أن لا يكون استفهاما إنكاريا ، بل يكون إشارة إلى موضع قدم شخص آخر(٢) تبعهما إلى الغار ثم رجع كما سيأتي.
٩ ـ شى : عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهماالسلام أن قريشا اجتمعت فخرج من كل بطن اناس ، ثم انطلقوا إلى دار الندوة ليشاوروا فيما يصنعون برسول الله صلىاللهعليهوآله ، فإذا هم بشيخ قائم على الباب ، وإذا ذهبوا إليه ليدخلوا قال : أدخلوني معكم ، قالوا : ومن أنت يا شيخ قال : أنا شيخ من مضر ، ولي رأي أشير به عليكم ، فدخلوا وجلسوا وتشاوروا وهو جالس ، وأجمعوا أمرهم على أن يخرجوه ، فقال : ليس هذا لكم برأي : إن أخرجتموه أجلب(٣) عليكم الناس فقاتلوكم ، قالوا : صدقت ما هذا برأي ، ثم تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يوثقوه(٤) ، قال : هذا ليس بالرأي إن فعلتم هذا ومحمد رجل حلو اللسان أفسد عليكم أبناء كم وخدمكم ، وما ينفعكم أحدكم إذا فارقه(٥) أخوه وابنه أو امرأته ، ثم تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن
____________________
(١) متحدث القوم : الموضع الذى يتحدثون فيه.
(٢) وهو هند بن أبى هالة ، أو عبدالله بن اريقط الليثى على اختلاف يأتى في الاخبار ، و اختار المقريزى الثانى في امتاع الاسماع : ٣٩.
(٣) أجلب : أجمع.
(٤) أى يشدوه بالوثاق. والوثاق : ما يشد به من قيد وحبل ونحوهما.
(٥) أى فارق أحدكم اخوه وابنه او امرأته ، أى لا ينفع أحدكم أن تصلب في دينه ولم يقبل قول محمد وهو يفسد على عشيرته دينهم فيفارقونه وفى نسخة : وما ينفع احدكم ، وهو الموجود في البرهان أيضا.