ولا فرق في المسوغ الخامس بين الخوف من استعمال الماء على عطش نفسه أو أولاده أو غيرهم ، فعلاً أو يخاف عليهم بعد ذلك.
والدليل على مسوغيته للتيمم مطابقته للقاعدة العامة ودلالة النصوص عليه.
أمّا من حيث القاعدة فلأن ما يحتمله من التلف بالعطش أو حدوث المرض أو غيرهما إن كان راجعاً إلى نفسه فتشمله قاعدتا نفي الضرر والحرج ، لأنه ضرر أو حرج يترتب على الوضوء أو الغسل لا مباشرة بل مع الواسطة ، ولا فرق في شمولهما للضرر مع الواسطة وله مباشرة وبلا واسطة.
وأمّا إذا كان الضرر أو الحرج راجعاً إلى غيره ممن يهمه أمره ويقع في حرج ومشقة بسبب ما يناله من عدم استبقاء الماء كولده وزوجته ونحوهما فمقتضى قاعدة نفي الحرج عدم وجوب الوضوء أو الغسل ، لأن فيهما مشقة وحرجاً عليه. وهذا لا يختص بالولد والزوجة ونحوهما بل يعم الضيف الوارد عليه فيما إذا احتمل عطشه في الأثناء على تقدير استعماله الماء في طهوره ، فان بقاء ضيفه عطشاناً صعب وشاق عليه. فعدم وجوب الطهارة المائية في أمثال هذه الموارد على طبق القاعدة.
وأمّا إذا كان ما يحتمله من الضرر والعطش راجعاً إلى غيره بأن احتمل تلفه عطشاً إذا صرف هو ماءه في طهوره فإنه في مثل ذلك يتزاحم الأمر بالصلاة مع الطهارة المائية مع الأمر بحفظ النفس المحترمة ، وحيث إن الأمر الأوّل مشروط بالقدرة شرعاً وبالتمكن من استعمال الماء والأمر الثاني غير مشروط فيتقدم وجوب حفظ النفس على وجوب الطهارة المائية لأنه معجز مولوي عن الطهارة المائية ، والممتنع شرعاً مثل الممتنع عقلاً فلا يجب عليه الوضوء والغسل بالماء.
وإن شئت قلت : إن الأمر بالصلاة مع الطهارة المائية له بدل ، والأمر بحفظ النفس المحترمة ليس له بدل ، وعند تزاحم مثلهما يتقدم ما ليس له بدل على ما له البدل فيجب التيمّم ، وكذلك إذا خاف التلف على نفسه.
وأمّا في غير هذا المورد كما لو كان ما يحتمله من الضرر المسبب من العطش الراجع إلى الغير لا يبلغ حد التلف بل كان وضوء المكلف أو اغتساله به موجباً لوقوع بعض