ومنها : موثقة سماعة المتقدِّمة ، قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يكون معه الماء في السفر فيخاف قلّته؟ قال : يتيمم بالصعيد ويستبقي الماء ، فان الله عزّ وجلّ جعلهما طهوراً : الماء والصعيد » (١).
وهي موثقة سنداً وتامة دلالة من دون اختصاصها بما إذا خاف العطش على نفسه بل تعم جميع الموارد المذكورة في المتن ، وذلك لعدم تقييد خوف قلّة الماء بما إذا كان على نفسه أو ولده أو من يهمه أمره أو حيوانه أو صديقه أو غيره فيشمل كل مورد يخاف قلة الماء فيه.
وقد يورد على الاستدلال بها بكونها ليست مطلقة وبصدد البيان ، وإلاّ لشملت ما إذا خاف قلة الماء لتنظيف بدنه وغسل ثيابه وظروفه مع أنه لا يحتمل في هذه الموارد الانتقال إلى التيمّم.
ويدفعه : أن قوله : « ومعه من الماء ... » معناه أنه يستصحب معه الماء في سفره والماء معه ، ولم تجر العادة في أسفار العصور المتقدمة التي كانوا يسافرون فيها على الإبل والفرس والحمير على حمل الماء لغسل ظروفهم وتنظيف أبدانهم ، بل يستصحبون الماء لضروراتهم من الشرب والوضوء ونحوهما ، فالموثقة لا تشمل إلاّ ما هو المعتاد المتعارف في حملهم الماء عند الأسفار.
هذا على أنّا لو سلمنا شمول الموثقة لحمل الماء لأجل تنظيف أبدانهم وظروفهم ونحو ذلك فنخرج عن إطلاقها بالمقدار الذي نقطع بعدم مسوغيته للتيمم ويبقى غير المقطوع به مشمولاً لإطلاق الموثقة. فالمتحصل تطابق النصوص مع القاعدة.
الأقسام المتصورة في المسألة :
وحاصل ما أفاده الماتن قدسسره أن الأقسام في المقام ثلاثة :
الأوّل : أن تكون النفس التي يحتمل طروء العطش لها ويسبب صرف الماء في الطهور تلفها نفساً واجبة الحفظ على المكلف لكونها محترمة ويحرم قتلها وإتلافها.
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٣٨٨ / أبواب التيمّم ب ٢٥ ح ٣.