الوقت في المقام ، ولا نظر له إلى إتيانه ، ومقتضى أدلة بدلية التراب أن المكلف متمكن من إتيان الصلاة بتمامها في وقتها فلا يكون المكلف مشمولاً لقاعدة من أدرك ، ولا تقع المعارضة بين الدليلين بل لا بدّ للمكلف من أن يتيمم ويصلِّي.
وهذا من غير فرق في ذلك بين أن يكون ما يقع خارج الوقت بمقدار ركعة أو أكثر أو أقل ، لأنه متمكن من إيقاع الصلاة بتمامها في الوقت إذا تيمم وهو بدل الوضوء فلا يسوغ له أن يتوضأ لتقع ركعة من صلاته أو أقل منها خارج الوقت ، لما مرّ من أن قاعدة من أدرك لا تشمل المقام.
المسألة الثالثة : ما إذا كان بعض أجزاء الصلاة واقعاً خارج الوقت على كل حال إلاّ أنه لو توضأ كان الواقع خارج الوقت أكثر مما لو تيمم ، كما لو فرضنا أن الركعة الرابعة لا بدّ أن تقع خارج الوقت على كل حال إلاّ أنه لو توضأ وقعت الركعة الثالثة معها خارج الوقت أيضاً ولو تيمم لا يقع من الصلاة خارج الوقت إلاّ الركعة الرابعة فهل لا بدّ من التيمّم أو أنه يتوضأ على خلاف المسألتين السابقتين؟
لم يتعرض الماتن قدسسره لهذه المسألة ، وهي تختلف باختلاف المسلكين ، فان بنينا على أن أمثال هذه المسألة داخلة في باب التزاحم فلا بدّ إما أن نلتزم بوجوب الوضوء أو التخيير بينه وبين التيمّم ، وذلك لوقوع التزاحم حينئذ بين الطهارة المائية والوقت ، لأنه لو تحفّظ على الطهارة المائية وقعت الركعة الثالثة خارج الوقت ولو تحفظ على الوقت في تلكم الركعة لم يتمكن من الطهارة المائية ، ولا بدّ معه من ملاحظة الأهم في البين ، ولا ينبغي الارتياب في أن الوقت أهم من الطهارة المائية حسبما تفيده النصوص ويشهد به القطع الخارجي.
إلاّ أن ذلك إنما هو في مجموع الصلاة ، فإنه لو دار الأمر بين أن يتوضأ ويصلِّي خارج الوقت وبين أن يصلِّي في الوقت بتيمم يقدم التيمّم على الوضوء تحفظاً على الوقت. وأما أهمية الوقت في بعض أجزاء الصلاة مثل الركعة الثالثة في مثالنا المتقدم بعد فرض أن بعضها لا بدّ أن يقع خارج الوقت فلم يثبت بدليل ، كما أنّا لا نحتمل فيه الأهمية. إذن لا بدّ من الحكم بالتخيير بين الأمرين أو تقديم الطهارة المائية لو قلنا بأهميتها.