شروعه في العصر؟
ذهب الماتن قدسسره إلى عدم جواز الإتيان بغير العصر من الصلوات بالتيمّم الّذي أتى به لصلاة العصر ، وإن احتمل الكفاية في صورة ما إذا طرأه العجز عن الماء أثناء صلاة العصر.
والصحيح أنّ التيمّم المأتي به لأجل الضيق لا يباح به غير الفريضة الّتي ضاق وقتها ، ولا بدّ من تيمّم آخر لاستباحة غيرها من الصلوات سواء طرأ عليه العجز عن الماء بعد العصر أو في أثناء صلاتها.
وتوضيحه : أنّا ذكرنا سابقاً أنّ التيمّم وظيفة من لم يتمكّن من استعمال الماء خارجاً سواء كان عجزه من الماء مستنداً إلى فقدانه حقيقة كما قد يتفق في الأسفار والبراري ، أو مستنداً إلى عدم قدرته على الاستعمال ولو مع وجدانه الماء كما يتفق كثيراً في المريض ، وقد قلنا : إنّ المراد من الآية الكريمة ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً ) (١) إنّما هو عدم التمكّن من استعمال الماء خارجاً لا فقدان الماء حقيقة ، بقرينة قوله تعالى ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى ).
ولا فرق في عدم التمكّن من استعماله بين العجز حقيقة وتكويناً عن الاستعمال وبين عدم التمكّن من الاستعمال شرعاً وتعبّداً كما لو كان الماء موجوداً عنده وهو مغصوب أو مستلزم للتهلكة مثلاً ، وعند العجز عن استعمال الماء في الغسل أو الوضوء تكويناً أو تشريعاً ينتقل الأمر إلى التيمّم ، هذا.
وقد يجوز التيمّم في حقّ المكلّف لا من أجل عجزه عن الماء وفقدانه بل من جهة ترخيص الشارع في ترك الطّهارة المائية ، وهو يستلزم جواز التيمّم ، وذلك في موردين :
أحدهما : في موارد كون الوضوء أو الغسل حرجياً ، حيث إنّ الإقدام على الأمر العسير سائغ في الشريعة المقدّسة إلاّ أنّ الشارع امتناناً رخص للمكلّف في تركه ، ففي مثله لو ترك المكلّف الوضوء لترخيص الشارع فيه لا مناص من جواز التيمّم في
__________________
(١) المائدة ٥ : ٦.