ويدفعه : ما ذكرناه غير مرّة من أنّ الطهور المعتبر في الصلاة فيما دلّ على أنّه « لا صلاة إلاّ بطهور » (١) معناه نفس الماء والتراب ، كما أنّ الوضوء اسم لنفس العمل الخارجي لا أنّه اسم لما يتحصّل ويتحقق من تلك الأفعال الخارجيّة ، فمعنى قوله : « لا صلاة إلاّ بطهور » أنّه لا صلاة إلاّ مع استعمال الماء أو التراب.
وحيث إنّ الأمر في التراب (٢) يدور بين الأقل والأكثر ، والأقل معلوم الاعتبار والشك في اعتبار الزائد عليه فندفعه بالبراءة لا محالة ، فهو شك في المكلّف به لا في المحصل ، كما ذكرناه في الشك فيما يعتبر في الوضوء (٣) والغسل فلاحظ.
المقام الثّاني : فيما يستفاد من الأدلّة اللفظية ، فنقول :
استدلّ السيِّد المرتضى (٤) على ما اختاره من اختصاص ما يتيمّم به بالتراب بما حكي عن النّبي صلىاللهعليهوآله من قوله : « جعلت لي الأرض مسجداً وترابها طهوراً » (٥) نظراً إلى أنّ الطهور لو كان أعم من التراب وغيره لكان تقييد الطهور بالتراب لغواً ظاهرا.
ويدفعه : أنّ هذه اللفظة « وترابها » لم يثبت صدورها عنه صلىاللهعليهوآله في الحديث ، نعم رواه في جامع أحاديث الشيعة عن بعض نسخ الفقيه (٦) ولم تثبت صحّة تلك النسخة ، مضافاً إلى إرساله.
بل في الحدائق ما مضمونه : أنّ تلك اللفظة إنّما توجد في كلمات الفقهاء ، وأمّا الروايات فهي خالية عنها (٧) وقد روى واحدة من رواياته عن نفس الفقيه.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣٦٥ / أبواب الوضوء ب ١ ح ١ ، ٦.
(٢) لعلّ الأنسب بدل التراب : ما يتيمّم به.
(٣) في موارد منها شرح العروة ٥ : ٥١ ، ٦٣.
(٤) المسائل الناصريات : ١٥٣.
(٥) الوسائل ٣ : ٣٥٠ / أبواب التيمّم ب ٧ ح ٣ ، ٤ ، ٢.
(٦) جامع أحاديث الشيعة : ٣ : ٩١ / أبواب التيمّم ب ٩ ح ١.
(٧) الحدائق ٤ : ٢٩٦.