ذكرت من جهة أغلبية التربة ، وتلك القرينة هي قوله : « أينما كنت » ومن المعلوم أنّ في مثل الفلوات والصحاري لا يوجد في أكثرها تربة بل هي رمل ، فما معنى قوله : « وأُصلِّي عليها أينما كنت » فالظاهر أنّ مراده صلىاللهعليهوآله من « تربتها » مطلق وجه الأرض وهي الّتي كان يصلِّي عليها أينما كان ولا ينتقل من مكانه ، وكذلك كان يتيمّم به.
ثمّ إنّ هذه الروايات المتعدّدة المنقولة والفاقدة لكلمة « ترابها » بعضها معتبر من حيث السند ، وهو الّذي رواه في المستدرك عن أمالي ابن الشيخ (١) إلاّ أن في سنده ابن أبان (٢).
لكن رواه في جامع الأحاديث وصرّح بالحسن أو بالحسين بن أبان (٣) وهو معتبر (٤) ، وعلى هذا يطمأن أن ما ورد عن النّبي صلىاللهعليهوآله هو قوله : « جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً » من دون كلمة « وترابها أو وتربتها » ، هذا كلّه في الوجه الأوّل ممّا استدلّ به على اختصاص ما يتيمّم به بالتراب.
وممّا استدلّ به على ذلك أيضاً قوله تعالى ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) (٥) فإنّ الصعيد بمعنى التراب على ما فسّره به جملة من اللّغويين كالجوهري (٦) وابن فارس في المجمل (٧) وعن أبي عبيدة أنّه هو التراب الخالص (٨).
ويدفعه : أنّ تفسير الصعيد بالتراب لم يتحقق ، لأنّ المحكي عن الأكثرين أنّ
__________________
(١) الصحيح : أمالي الصدوق : ١٧٩ / ٦.
(٢) المستدرك ٢ : ٥٢٩ / أبواب التيمّم ب ٥ ح ٤.
(٣) جامع أحاديث الشيعة ٣ : ٩٢ / أبواب التيمّم ب ٩ ح ١ ، والموجود في المصدر المذكور هو الحسين بن الحسن بن أبان ، كذا في أمالي الصدوق.
(٤) الحسن بن أبان والحسين بن الحسن بن أبان غير مذكورين بتوثيق.
(٥) المائدة ٥ : ٦.
(٦) الصحاح ٢ : ٤٩٨.
(٧) مجمل اللّغة ٢ : ٥٣٤.
(٨) جمهرة اللّغة ٢ : ٦٥٤.