وما أفاده هو الصحيح ، لأنّ هذه الصحيحة إنّما وردت لبيان أن الجنب يسوغ له أن يتيمّم أو يتوضأ (١) ويصلِّي إماماً لأنّ الطّهارة الترابية كالطهارة المائية ، وقد أثبت الطهور للتراب في هذه الصحيحة ، وليس في ذلك دلالة على انحصار الطهور به بل هو مصداق من مصاديقه ، وهو نظير قولنا : الطّهارة الترابية كالطهارة المائية. فهل نريد بذلك خصوص التيمّم بالتراب أو بكل ما يصح التيمّم به. إذن لا يمكن الاستدلال بها على تخصيص ما يتيمّم به بالتراب.
وبعبارة اخرى : أنّ الصحيحة بحسب السؤال ناظرة إلى أنّه هل يجوز للجنب أن يؤم غيره من المتطهرين إذا تيمّم أو توضأ؟ والجواب ناظر إلى أنّ الطّهارة الترابية كالمائية ، ولا دلالة لها على حصر التيمّم بالتراب. وتعبيرها « جعل التراب طهوراً » مثل تعبيرنا اليوم « الطّهارة الترابية » إذ لا نظر لنا في هذا التعبير إلى انحصار التيمّم بالتراب ، بل التعبير بذلك ناظر أو ناشئ من كثرة التراب ، وعليه فالتعبير عادي لا إشعار فيه بالحصر فضلاً عن الدلالة.
ومنها : صحيحة رفاعة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا كانت الأرض مبتلّة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجفّ موضع تجده فتيمم منه ، فإنّ ذلك توسيع من الله عزّ وجلّ. قال : فان كان في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو شيء مغبر ، وإن كان في حال لا يجد إلاّ الطين فلا بأس أن يتيمّم منه » (٢).
نظراً إلى قوله : « ليس فيها تراب » فإنّه لم يفرض في الانتقال إلى أجف موضع انعدام غير التراب من أجزاء الأرض ، فلو كان يسوغ التيمّم بمطلق وجه الأرض للزم فرض عدم غير التراب.
وفيه : أنّها فرضت الأرض كلّها مبتلة ، إذ الإمام عليهالسلام ناظر فيها إلى الجفاف والرطوبة ، ومن ثمة ذكر ابتداءً أنّ الأرض كلّها مبتلة ولم يقل : التراب مبتل فمعنى « ليس فيها تراب » أي ليس فيها شيء جاف أعم من التراب وغيره ممّا يصح التيمّم به ، وإنّما ذكر التراب لأغلبيته وأكثريته فلا دلالة لها على الحصر ، ومعه يكون
__________________
(١) الظاهر زيادة ( أو يتوضأ ) ، كذا ( أو توضأ ) الآتية.
(٢) الوسائل ٣ : ٣٥٤ / أبواب التيمّم ب ٩ ح ٤.