لأن إحراز الامتثال يتوقف على الوضوء بكلا الماءين أو التيمّم بكلا الترابين وهو غير سائغ ، لاستلزامه المخالفة القطعية لحرمة الغصب ، فالامتثال القطعي والإحرازي غير ممكن.
والموافقة الاحتمالية بالوضوء أو التيمّم بأحدهما غير مفيدة ، لاعتبار إحراز الوضوء بالماء أو التيمّم بالتراب ، ولا يحرز ذلك بالوضوء بأحد الماءين أو بالتيمّم بأحد الترابين لاحتمال أن يكون ما امتثل به هو المغصوب.
ومجرد المصادفة الواقعية وكون ما امتثل به مباحاً ليس كافياً في إحراز الامتثال ومعه ينتقل الأمر إلى المرتبة الثانية من التيمّم أو إلى الثالثة وهو التيمّم بالطين ونحوه. ولا دليل على كفاية الامتثال الاحتمالي حينئذ ، لتمكّنه من المرتبة الثّانية واعتبار الإحراز في مفهوم الوجدان ، هذا.
على أنّ المورد ليس من موارد التنزل إلى الموافقة الاحتمالية ، وذلك لاستصحاب عدم التوضي بالماء المباح أو عدم التيمّم بالتراب المباح ، ومعه لا مناص من الانتقال إلى المرتبة الثّانية وإن كان المكلّف عالماً بوجود الماء المباح أو التراب المباح في البين إلاّ أنّه لعدم تمكّنه من الإحراز يصدق أنّه ليس واجداً لهما ، لما تقدم من اعتبار الإحراز في مفهوم الوجدان ، فلا مناص من الانتقال إلى المرتبة المتأخّرة كما مرّ.
وأمّا إذا لم تكن هناك مرتبة أخيرة للتيمم أو فرضنا العلم الإجمالي في المرتبة الأخيرة فلا يأتي حينئذ ما قدّمناه من اعتبار الإحراز في الامتثال والتوضؤ بالماء المباح أو التيمّم بالتراب المباح ، بل المورد مورد التمسّك بإطلاقات وجوب الصلاة وأنّها ( كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً ) (١) وأنّها المائزة بين الكفّار والمسلمين (٢) وقوله عليهالسلام « إذا زالت الشمس فقد وجبت الصلاتان » (٣) وغير ذلك من المطلقات فان مقتضاها وجوب الصلاة ، وهي مشروطة بالطهور ، وحيث لا يمكن امتثال الأمر
__________________
(١) النِّساء ٤ : ١٠٣.
(٢) الوسائل ٤ : ٤١ / أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١١.
(٣) الوسائل ٤ : ١٢٥ / أبواب المواقيت ب ٤.