إحداهما ووضع الأُخرى ، ولو لم يتمكّن من الضرب بباطنهما اكتفى بظاهرهما ، ولو لم يمكنه الضرب دفعة اكتفى بالتعاقب ، ولو لم يتمكّن من هذه الأُمور جميعاً دخل في موضوع فاقد الطهورين؟
الصحيح هو الأوّل. وليس الوجه في ذلك قاعدة الميسور ، لعدم تماميتها على ما تقدّم غير مرّة ولا الإجماع المتوهم في المقام لأنّه لا يزيد على الإجماع التقديري حيث إن جملة من الفقهاء اكتفوا في التيمّم بالوضع حتّى في حال الاختيار ، وليس لنا علم بأنّهم لو كانوا قائلين باعتبار الضرب عند الاختيار لجوزوا التيمّم بالوضع عند التعذّر ، فهو إجماع تقديري لا اعتبار به.
ولعلّه إلى ذلك ينظر ما في الجواهر من التعبير بكلمة لعل عند ما قال : لعلّه إجماعي (١) ، أي إجماع احتمالي لا أنّه فعلي منجز.
بل الوجه في ذلك أنّ الأمر بالضرب وما دلّ على اعتبار كونه باليدين وإن كان مطلقاً وهو يعم صورة التمكّن والتعذّر ، لأنّ ظاهر تلكم الأوامر هو الإرشاد إلى الشرطية ، كما أنّ ظاهر النهي في أمثال المقام هو الإرشاد إلى المانعية ، ولا مانع من أن تكون الشرطية مطلقة ، ولازمه أن غير المتمكّن من الضرب أو من كونه باليدين ليس مأموراً بالصلاة لتعذرها في حقّه. إلاّ أن مقتضى ما دلّ على أنّ الصلاة لا تسقط بحال من الإجماع والصحيحة الواردة في حقّ المستحاضة من قوله : « لا تدع الصلاة بحال » (٢) يدلّنا على أنّه مكلّف بالصلاة حتّى عند عدم تمكّنه من الضرب أو من كونه باليدين.
وحيث أنّها مشروطة بالطهور ، إذ « لا صلاة إلاّ بطهور » وهو اسم لنفس الماء والصعيد لأنّ الطهور كالسحور والفطور بمعنى ما يتسحر به أو ما يفطر به ، وما به الطّهارة هو الماء والصعيد علمنا أنّ المكلّف في المقام لا بدّ من أن يصلِّي ويستعمل
__________________
(١) الجواهر ٥ : ١٨١.
(٢) الوسائل ٢ : ٣٧٣ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٥.