وكما أنّ لفظة الباء الجارة في ( بِوُجُوهِكُمْ ) دلّتنا على إرادة بعض الوجه وعدم لزوم مسح تمام الوجه في التيمّم ، كذلك تدلّنا على إرادة البعض في ( أَيْدِيَكُمْ ) فنستفيد منها أنّ اليد اللاّزم غسلها في الوضوء لا يعتبر مسحها بتمامها في التيمّم بل يكفي مسح بعضها. فما دلّ على لزوم مسح جميع اليد من المرفقين إلى الأصابع يكون على خلاف الآية المباركة. هذا كلّه فيما ذهب إليه علي بن بابويه وابنه في المجالس.
ما ذهب إليه الصدوق ( رحمهالله )
وأمّا ما ذهب إليه الصدوق في الفقيه من اعتبار المسح فوق الكف بقليل مستدلاًّ عليه بالصحيحتين المتقدمتين (١) فلا يمكن المساعدة عليه ، لأنّهما إنّما اشتملتا على حكاية فعل ، والفعل لا لسان له ليدل على أنّه على وجه الوجوب ، بل لا بدّ من أن يكون على وجه المقدمة العلميّة ، لدلالة ما قدّمناه من الأخبار على كفاية المسح من الزند إلى أطراف الأصابع.
وتظهر الثمرة فيما إذا كان فوق الزند حاجب عن المسح فإنّه يمنع عن صحّة التيمّم على مسلك الصدوق ولا يضر على مسلك المشهور كما أوضحناه في مسح الحاجبين.
ما نسب إلى بعض الأصحاب
وأمّا ما نسبه ابن إدريس إلى بعض الأصحاب ففيه : أنّه لا ملازمة بين كون اليد في آية السرقة بمعنى أُصول الأصابع إلى أطرافها وبين أن تكون الكف في المقام بهذا المعنى. على أنّ المقتضي له قاصر في نفسه ، لأنّ المرسلة لا يمكن الاعتماد عليها في نفسها لتقع المعارضة بينها وبين ما استدللنا به على مسلك المشهور.
بقي الكلام في أنّ مسح الزند إلى أطراف الأصابع هل يعتبر أن يكون بباطن الكف أو يجوز أن يكون بظاهرها ، كما أنّ الممسوح من الزند إلى أطراف الأصابع هل هو
__________________
(١) وهما صحيحتا أبي أيّوب الخزّاز وداود بن النعمان ، وقد تقدّمت الفقرة المرتبطة منهما بالمقام في ص ٢٧٢.