حيث حملت الضربة على التيمّم ، وهي تدلّنا على أنّ الضربة أو الوضع داخل في التيمّم وهي أوّل التيمّم. إذن لا بدّ أن تكون نيّة التيمّم مقارنة للضربة.
وتظهر الثمرة فيما لو بدا له في التيمّم بعد ضرب يده على الأرض ، فإنّه على ما ذكره ذلك القائل ينوي التيمّم مقارناً لمسح وجهه وهو صحيح ، وأمّا بناءً على ما ذكرناه فلا بدّ من أن يضرب يده على الأرض ثانياً وينوي مقارناً للضرب.
وأمّا الآية المباركة وهي قوله عزّ من قائل ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) (١) فقالوا : إنّها لا دلالة لها على أنّ التيمّم يبدأ من الضرب لعدم اشتمالها عليه بل هي مشتملة على الأمر بالمسح.
ويدفعه : أنّ الآية وإن لم تدل على أنّ الضرب من التيمّم إلاّ أنّها لا تدل على خلافه ، بل يستفاد منها كون الضرب من التيمّم بقرينة قوله تعالى ( مِنْهُ ) أي من التراب أو الأرض ، فإن معناه هو الأمر بالمسح بما ينشأ من الأرض بضرب اليد أو بوضعها عليها فيكون الضرب أو الوضع داخلاً في التيمّم لا محالة ، هذا.
وقد يقال : إن اشتراط إباحة التراب في التيمّم يقتضي أن يكون الضرب داخلاً في التيمّم ، فان حمله على التكليف المحض بعيد.
ويدفعه : أنّ الصلاة مشروطة بالطهور وهو بمعنى الماء والتراب ، ويعتبر أن يكون استعمالهما استعمالاً جائزاً شرعاً بلا فرق في ذلك بين أن يكون ضرب اليد على التراب في التيمّم جزءاً أو شرطاً ، وذلك لأن ذات القيد وإن كان خارجاً إلاّ أنّ التقيد به جزء للمأمور به حينئذ ، ولا يمكن أن يكون قيد المأمور به مبغوضاً ، لأنّ المبغوض لا يمكن أن يكون مقرباً. فلا دلالة ولا إشعار في اشتراط إباحة التراب في التيمّم على كون الضرب داخلاً في التيمّم.
استدراك :
ذكرنا أنّه وقع الكلام في أنّ الضرب جزء للتيمم أو أنّه مقدمة له وابتداؤه مسح
__________________
(١) المائدة ٥ : ٦.