ثمّ إن ما ذكرناه في المقام من المضايقة إنّما هو بالنسبة إلى من لا يجد الماء حقيقة وأمّا من كان واجداً للماء ولكنّه لا يتمكّن من استعمال الماء شرعاً فهل يجري ما ذكرناه فيه أو أنّه يجوز أن يأتي بالتيمّم والصلاة في أوّل الوقت؟
هل المضايقة تعم العاجز من استعمال الماء شرعاً؟
نقل في الحدائق الإجماع عن الشهيد في الروض (١) على المضايقة ووجوب التأخير على غير المتمكّن من الاستعمال شرعاً ، ثمّ أخذ في المناقشة في دعواه الإجماع حيث قال بعد نقله كلام الروض : وفيه ما لا يخفى ، فإنّه قد طعن في هذه الإجماعات في شرحه على الشرائع في غير موضع ، فاستسلامه هنا والاعتماد عليه مجازفة محضة (٢) هذا.
ولكن الصحيح أن ما ذكره الشهيد هو الصحيح ، والإجماع المدعى ليس إجماعاً تعبّدياً ليستشكل فيه بما ذكره في الحدائق ، بل الظاهر أنّه إجماع على القاعدة ، وذلك لما قدّمناه من أنّ المستفاد من الآية المباركة بقرينة ذكر المرضى أنّ المراد من عدم الوجدان هو عدم التمكّن من استعمال الماء ، وكذلك الحال في الأخبار.
وعليه فالأخبار المتقدمة الواردة في أن من صلّى بتيمم ثمّ وجد الماء لم يعد صلاته والأخبار الواردة في أنّ المكلّف إذا لم يجد ماءً وأراد التيمّم لا بدّ من أن يؤخره إلى آخر الوقت ، وكذا الصحيحة أو الحسنة المتقدمة المشتملة على أنّ المسافر إذا لم يجد الماء (٣) تشمل غير المتمكّن من الاستعمال شرعاً.
فان عدم الوجدان فيها بمعنى أعم من عدم الوجدان حقيقة أو عدم التمكّن من استعماله شرعاً ، فالمريض الّذي لا يتمكّن من استعمال الماء شرعاً لا بدّ من أن يؤخر تيممه ويصلِّي في آخر الوقت سواء كان تيممه قبل الوقت أم بعده لغاية أُخرى غير الصلاة كما قدّمناه ، هذا.
__________________
(١) الروض : ١٢٢ السطر ١٩.
(٢) الحدائق ٤ : ٣٦٦.
(٣) الوسائل ٣ : ٣٦٦ / أبواب التيمّم ب ١٤ ح ٣.