بدلاً عن الوضوء في غير الطهور.
وحيث إنّ الوضوءات المستحبّة المذكورة ليست بطهور لعدم كونها مبيحة ولا رافعة فلا دليل على قيام التيمّم مقامها ، وبه يشكل الحكم بجوازه بدلاً عنها وإن صرّح الماتن بصحّته ، فتختص بدلية التيمّم بالوضوءات الرافعة للحدث حقيقة ، كما إذا بنينا على أنّ التيمّم رافع للحدث كما هو الصحيح ، أو تنزيلاً كما إذا قلنا بأنّه مبيح لأنّه منزل منزلة الطّهارة حينئذ.
وأمّا الكون على الطّهارة الّذي قوينا استحبابه وقلنا إنّ البقاء على الطّهارة أمر مستحب مرغوب فيه في الشريعة المقدّسة ، لأنّ الله يحب التوابين ويحب المتطهرين فلا مانع من التيمّم بدلاً عن الوضوء المذكور ، لأنّه أمر مستحب وطهارة مندوبة على ما بيّنا.
وأمّا الأغسال فلا شبهة في قيام التيمّم مقام الواجب منها ، لأنّه طهور والصعيد طهور أيضاً ، وأمّا الأغسال المستحبّة كغسل يوم الجمعة ويوم عرفة ونحوهما فهل يقوم التيمّم مقامها ويسوغ الإتيان به بدلاً عنها أم لا يسوغ؟ نقول :
إنّ هناك جهتين للأغسال المستحبّة : جهة كونها أمراً مستحبّاً في نفسه ومرغوباً فيه في الشريعة المقدّسة. ولا يقوم التيمّم مقامها من هذه الجهة ، لأنّه إنّما يقوم مقام الطهور من الوضوء والغسل على ما تقدم فهو طهور ترابي بدل عن الماء في الطهورية ، وأمّا بدليته في الاستحباب النفسي فلم تثبت بدليل.
وجهة كون هذه الأغسال مغنية عن الوضوء على ما أسلفنا من أنّ الأغسال المستحبّة تغني عن الوضوء ، بمعنى أنّها طهور يسوغ الدخول بها فيما هو مشروط بالطّهارة والوضوء ، لقوله عليهالسلام : أي وضوء أنقى من الغسل (١).
والتحقيق عدم قيام التيمّم مقام الأغسال المستحبّة حتّى من هذه الجهة ، وسره : أنّ الأمر الغيري على القول به أو تقيد الصلاة بالطّهارة في الأغسال المستحبّة
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٤٧ / أبواب الجنابة ب ٣٤ ح ٤.