التيمّم على الجنب والميت ، وإذا أذن للجنب خاصّة وجب عليه الاغتسال أو أذن للميت وجب تغسيله به ويتيمّم الجنب.
وإذا أذن للجنب أن يتصرّف فيه كيف شاء أو كان الماء مباحاً أوّلياً فيقع التزاحم حينئذ بين وجوب غسل الجنابة على المكلّف وبين وجوب تغسيل الميت ، لأنّه واجب عليه أيضاً وجوباً كفائياً ، وحيث لا مرجح لأحدهما على الآخر من الأهميّة أو احتمالها فمقتضى القاعدة أن يكون المكلّف مخيراً بين الأمرين.
وعين هذا البيان يأتي عند ملاحظة النسبة بين الميت والمحدث بالحدث الأصغر.
وأمّا إذا دار الأمر بين الجنب والمحدث بالحدث الأصغر فهو مثل سابقيه إلاّ أن المالك إذا أذن لهما في التصرف أو كان الماء مباحاً أوّلياً لم يقع بينهما تزاحم ، إذ لا معنى للتزاحم بين التكليفين المتوجهين إلى المكلّفين ، بل يجب التسابق حينئذ فمن سبق إلى أخذه فهو له ويتمكّن من الماء فيجب عليه الاغتسال أو الوضوء ، وأمّا إيثاره الآخر على نفسه فهو وإن كان يظهر القول به من المحقق الهمداني قدسسره (١) إلاّ أنّه أمر لا وجه له ، فإنّه بعد تمكّنه من الماء ووجوب الوضوء عليه لا مسوغ لإيثاره الآخر على نفسه وإن كان الآخر جنباً ومأموراً بالاغتسال ، فيتيمم لا محالة.
وإذا تساووا في الأخذ لم تجب الطّهارة المائية على الجنب ولا على المحدث بالحدث الأصغر ، لعدم تمكّنهما من الماء ، هذا ما تقتضيه القاعدة.
وأمّا المقام الثّاني : فقد استدلّ القائل بتقدم الجنب وتيمّم الميت والمحدث بالحدث الأصغر وجوباً أو استحباباً بصحيحة عبد الرحمن بن أبي نجران : « أنّه سأل أبا الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام عن ثلاثة نفر كانوا في سفر أحدهم جنب والثّاني ميت والثالث على غير وضوء ، وحضرت الصلاة ومعهم من الماء قدر ما يكفي أحدهم من يأخذ الماء وكيف يصنعون؟ قال : يغتسل الجنب ويدفن الميت بتيمم ويتيمّم الّذي هو على غير وضوء ، لأن غسل الجنابة فريضة وغسل الميت سنّة والتيمّم للآخر جائز » (٢).
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الطّهارة ) : ٥٠٩ السطر ٢٩.
(٢) الوسائل ٣ : ٣٧٥ / أبواب التيمّم ب ١٨ ح ١.