الأهم بالأولوية.
وظني أني رأيت سابقاً في بعض الكتب أن أبا حنيفة التزم بذلك. إلاّ أنه مما لا يمكن المساعدة عليه كما سيظهر وجهه.
وذكر صاحب الجواهر قدسسره أن الآية المباركة ليست مورداً للإشكال ، لأن قوله تعالى ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ ) من متممات صدرها وهو قوله تعالى ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ... ) فإنه بمعنى إذا قمتم من النوم إلى الصلاة كما في الرواية المفسرة لها. فمفروض الآية هو المحدث بالأصغر بالنوم وأنه على قسمين : واجد للماء ووظيفته أن يتوضأ إن لم يكن جنباً بالاحتلام أو يغتسل إن كان جنباً وغير واجد الماء كالمريض والمسافر ووظيفته أن يتيمم أي الذي لو كان واجداً للماء يتوضأ أو يغتسل وهو المحدث بالحدث الأصغر أعني بالنوم ، ثم تعرض للمحدث بالبول والغائط والمحدث بملامسة النساء. وليس المريض والمسافر جملة مستقلة لترد عليها المناقشة (١).
وما أفاده قدسسره وإن كان صحيحاً إلاّ أنه إنما يتم في سورة المائدة لا في سورة النساء (٢) ، لأن قوله تعالى ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى ) إلى قوله ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) مذكور فيها بعينه من دون أن يكون لها صدر مثل صدر سورة المائدة فتبقى المناقشة فيها بحالها.
ما ينبغي أن يقال في المقام
والذي ينبغي أن يقال وهو ظاهر الآية المباركة : إن المناقشة المذكورة تبتني على أن يكون قوله تعالى ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً ) راجعاً إلى الجملة الأخيرة أعني قوله تعالى ( أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ ).
__________________
(١) الجواهر ٥ : ٧٤ ، ١ : ٥١.
(٢) النساء ٤ : ٤٣.