صاحب الكفاية قدسسره وإما أن يجريا ويتساقطا بالمعارضة فيتعين عليه الفحص والطلب بمقتضى العلم الإجمالي وأصالة الاشتغال ، لأن الامتثال من دونه امتثال احتمالي يحتمل معه العقاب ولا يندفع إلاّ بالفحص والطلب ليقطع بأن الواجب عليه أي شيء من الطهارة المائية أو الترابية.
ثم إنه لو كان له ماء طرأ عليه العجز عن استعماله إما لإراقته أو لمانع من الموانع واحتمل أن يكون له ماء آخر يتمكن من استعماله فهل يجري استصحاب التمكن من جامع الماءين أو استصحاب وجود الجامع بينهما؟.
الصحيح عدمه ، لأنه مبني على جريان الاستصحاب في القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي ، وقد بيّنا في الأُصول عدم جريانه ، لأن الفرد المعلوم الحدوث قد ارتفع قطعاً والفرد الآخر مشكوك الحدوث من الابتداء والأصل عدمه (١) ، حيث إن القدرة على الماء الأوّل غير القدرة على الماء الثاني ، والقدرة الاولى قد تبدّلت بالعجز قطعاً والثانية مشكوكة الحدوث من الابتداء والأصل عدم حدوثها ، هذا كله في هذه الوجوه.
بقي الكلام في الأخبار المستدل بها على وجوب الفحص ، والظاهر أنها مما لا يمكن الاستدلال بها على المدعى ، وذلك إما للمناقشة في دلالتها أو لضعف سندها على سبيل منع الخلو ، وهي الأخبار الواردة في المسافر الدالّة على أنه يطلب الماء ويصلِّي بعده بالتيمّم على تقدير عدم الظفر بالماء.
منها : صحيحة أو حسنة زرارة عن أحدهما عليهماالسلام قال : « إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فاذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل » (٢) وهذه الرواية رواها الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أُذينة عن زرارة (٣) ، ورواها الشيخ بإسناده إلى الكليني في موضعين (٤).
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ١١٤.
(٢) الوسائل ٣ : ٣٤١ / أبواب التيمم ب ١ ح ١.
(٣) الكافي ٣ : ٦٣ / ٢.
(٤) التهذيب ١ : ١٩٢ / ٥٥٥ ، ٢٠٣ / ٥٨٩ ، وذكر الشيخ السند الآخر في ب ١٤ ح ٣.