على ستر قبح باطنهم وخبث سرائرهم واستمالة قلوب ضعفاء العقول والقلوب اليهم ولهذا ورد التصريح بعموم اللعن وشموله للقارى بالأصل مضاعفا لأنه السبب فى كل ما يترتب على ذلك من الآثار السيئة وللمستمع لكونه عند تضاعف عدده واقباله على الاستماع وولعه ورغبته على الحضور فى تلك المجالس بشغف يبعث فى قلب ذلك الامام الجائر صاحب المجلس على المزيد من اكرام القارى وانعامه ولا يخفى ما فى ذلك فى الجملة من تقوية شوكة الباطل وانكسار راية الحق وأفول بريق الدين وتضعضع كيانه واركانه.
كما ان فى قراءة القرآن بهذا النحو حط لقداسة القرآن ومنزلته وازراء بشأنه وعظمته وتدنيس لما ضمّه بين دفتيه من مبادئ وقيم وأهداف نبيلة سامية وأصول الحكمة الالهية المنزّهة عن كل شائبة ووصمة مشينة.
كراهة هجرانه وترك تعاهده
قال عزّ من قائل : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى * قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً* قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى ) ( طه ـ ١٢٤ ـ ١٢٦ ).
روى البرقى فى المحاسن بسنده عن ابى بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : من نسى سورة من القرآن مثّلت له فى صورة حسنة ودرجة رفيعة فى الجنة فاذا رآها قال : من انت؟ ما احسنك ليتك لى فتقول : اما تعرفنى؟ انا سورة كذا وكذا لو لم تنسنى لرفعتك الى هذا المكان (١).
وفى المكارم عن النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم قال :
من تعلم القرآن ثم نسيه لقى الله يوم القيامة مغلولا ويسلط الله عز وجل عليه بكل آية حيّة تكون قرينته فى النار الا أن يغفر له » (٢).
__________________
(١) المحاسن ص ٩٢ ح ٥٧.
(٢) مكارم الاخلاق ص ٤٢٨ ط بيروت.