أيها الناس : إنه لا كنز أنفع من العلم ، ولا عز أرفع من الحلم ، ولا حسب أبلغ من الأدب ، ولا نصب أوضع من الغضب ، ولا جمال أزين من العقل ، ولا سوءة أسوأ من الكذ ب ، ولا حافظ أحفظ من الصمت ، ولا غائب أقرب من الموت.
أيها الناس : إنه من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره ، ومن رضي برزق الله لم يأسف على ما في يد غيره ، ومن سل سيف البغي قتل به ، ومن حفر لأخيه بئراً وقع فيها ، ومن هتك حجاب غيره انكشفت عورات بيته ، ومن نسي زلته استعظم زلل غيره ، ومن أعجب برأيه ضل ، ومن استغنى بعقله زل ، ومن تكبر على الناس ذل ، ومن سفه على الناس شتم ، ومن خالط الأنذال حقر ، ومن حمل ما لا يطيق عجز.
أيها الناس : إنه لا مال أعود من العقل ، ولا فقر أشد من الجهل ، ولا واعظ أبلغ من النصح ، ولا عقل كالتدبير ، ولا عبادة كالتفكر ، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة ، ولا وحشة أشد من العجب ، ولا ورع كالكف عن المحارم ، ولا حلم كالصبر والصمت.
أيها الناس : في الانسان عشر خصال يظهرها لسانه : شاهدٌ يخبر عن الضمير ، حاكمٌ يفصل بين الخطاب ، وناطقٌ يرد به الجواب ، وشافعٌ يدرك به الحاجة ، وواصفٌ يعرف به الأشياء ، وأميرٌ يأمر بالحسن ، وواعظٌ ينهى عن القبيح ، ومعزٌ تسكن به الأحزان ، وحاضرٌ تجلى به الضغائن ، ومونقٌ تلتذ به الأسماع.
أيها الناس : إنه لا خير في الصمت عن الحكم ، كما أنه لا خير في القول بالجهل. واعلموا أيها الناس إنه من لم يملك لسانه يندم ، ومن لا يعلم يجهل ، ومن لا يتحلم لا يحلم ، ومن لا يرتدع لا يعقل ، ومن لا يعقل يهن ، ومن يهن لا يوقر ، ومن لا يوقر يتوبخ ، ومن يكتسب مالاً من غير حقه يصرفه في غير أجره ، ومن لا يدع وهو محمود يدع وهو مذموم ، ومن لم يعط قاعداً منع قائماً ، ومن يطلب العز بغير حق يذل ، ومن يغلب بالجور يغلب ، ومن عاند الحق لزمه الوهن ، ومن تفقه وقر ، ومن تكبر حقر ، ومن لا يحسن لا يحمد.