يقولون : انما حسنت عبادة الأصنام لتصير شفعاء لهم عند الله تعالى ، وإذا كان كذلك : فكيف يعقل اقدامهم على شتم الله تعالى وسبه ؟
الى أن قال : واعلم أنا قد دللنا على أن القوم كانوا مقرين بوجود الإلَه تعالى فاستحال إقدامهم على شتم الإلَه ، بل هنا احتمالات :
أحدها : أنه ربما كان بعضهم قائلا بالدهر ، ونفى الصانع فما كان يبالي بهذا النوع من السفاهة.
وثانيها : أن الصحابة متى شتموا الأصنام ، فهم كانوا يشتمون الرسول عليه الصلاة والسلام ، فالله تعالى أجرى شتم الرسول مجرى شتم الله تعالى كما في قوله ( إن الذين يبايعونك انما يبايعون الله ) وكقوله ( إن الذين يؤذون الله ).
وثالثها : انه ربما كان في جهالهم من كان يعتقد أن شيطانا يحمله على ادعاءالنبوة والرسالة ، ثم انه لجهله كان يسمي ذلك الشيطان بأنه الَه محمد ، عليه الصلاة والسلام ، فكان يشتم الَه محمد ، بناء على هذا التأويل.انتهى.
وكلام الرازي هذا نقله أبو حيان في تفسيره البحر المحيط ، وعقب عليه بقوله : وهذه احتمالات مخالفة للظاهر ، وانما أوردها لأنه ذكر أن المعترفين بوجود الصانع لا يجسرون أن يقدموا على سبه تعالى ، وقد ذكرنا ما يحمل على حمل الكلام على ظاهره. انتهى.
قال أبو حيان : فيسبوا الله ، أنهم يقدمون على سب الله إذا سب آلهتهم وإن كانوا معترفين بالله تعالى لكن يحملهم على ذلك انتصارهم لآلهتهم وشدة غيظهم لأجلها ، فيخرجون عن الاعتدال الى ما ينافي العقل ، كما يقع من بعض المسلمين إذا اشتد غضبه وانحرف ، فانه قد يلفظ بما يؤدي الى الكفر ، نعوذ بالله من ذلك. انتهى.
وبمثل هذا التوجيه قال الآلوسي في تفسيره روح المعاني : ٧ / ٢٥١ ...
وقال الراغب : إن سبهم لله تعالى ليس أنهم يسبونه جل شأنه صريحاً ، ولكن يخوضون في ذكره تعالى ويتمادون في ذلك بالمجادلة ، ويزدادون في وصفه