هذا ومع الغض عن جميع ذلك فتصبح هذه الرواية معارضة مع تلك الروايات الكثيرة الدالة على أنه إذا زالت الشمس دخل الوقتان جميعاً ، فإنها صريحة في دخول كلا الوقتين بمجرد الزوال.
ثم إنه ربما يستدل لوقت الاختصاص بما في ذيل جملة من الأخبار من قوله عليهالسلام : « إلا أن هذه قبل هذه » (١) بدعوى أن المنسبق من هذا التعبير أنّ وقت هذه قبل هذه.
ولكنه كما ترى للتصريح في صدرها بدخول الوقتين معاً بمجرد الزوال فكيف ينسجم ذلك مع الدعوى المزبورة ، بل لا ينبغي التأمل في أن النظر في تلك العبارة معطوف إلى حيثية الترتيب لا غير ، ولزوم مراعاته بين الصلاتين. إذن فالقبلية ملحوظة بين نفس الصلاتين لا بين وقتيهما.
والمتحصل من جميع ما تقدم : أن القول بالاختصاص بالمعنى المنسوب إلى المشهور لا أساس له ، وربّ شهرة لا أصل لها. هذا كله من حيث مبدأ الوقت وأوّله.
وأما من حيث آخره : فإن أُريد من اختصاص مقدار أربع ركعات من منتهى الوقت بالعصر أنّ من لم يكن آتياً بالظهرين يتعين عليه حينئذ صرف الوقت في العصر ، فحق لا محيص عنه وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى.
وإن أُريد به عدم صلاحية الوقت لوقوع الظهر فيه حتى لو كانت الذمة فارغة عن صلاة العصر لتقديمها نسياناً أو خطأً ، بل لو صلاها حينئذ كانت قضاء لخروج وقتها ، فهذه الدعوى لا سبيل إلى إثباتها بوجه ، بل إن مقتضى
__________________
الصدر بمقتضى اتحاد السياق ، أنه لا يناسبه قوله « فاذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر » بل كان اللازم أن يقال بدلا عن ذلك : فقد دخل وقت العصر ، بداهة أنه بعد فرض الإتيان بصلاة الظهر خارجاً لا معنى للقول بدخول وقتها ، وعليه فتصبح الرواية مجملة لعدم خلو دلالتها عن الاشكال على أيّ حال.
(١) الوسائل ٤ : ١٢٦ / أبواب المواقيت ب ٤ ح ٥ ، ٢٠ ، ٢١.