يقتضي أفضلية التأخير إلى الذراع والذراعين في بعض الأحيان ، وهو اجتماع الناس والانتظار لذلك توسعة لهم وإرفاقاً عليهم.
وبالجملة : فالوقت الأفضل بحسب العنوان الأولي هو القدم والقدمان ، وبحسب العنوان الثانوي هو الذراع والذراعان ، ولا تنافي بين العنوانين كما هو ظاهر.
بل يمكن أن يقال : إن وقت الفضيلة ليس له مبدأ معيّن ، بل العبرة بالفراغ عن النافلة كي يرتفع المانع المزاحم عن التعجيل ، فان التحديد بالقدم والقدمين ونحوهما إنما هو لمكان السبحة ومراعاة للنافلة ، ولذا يكون الأفضل في السفر ويوم الجمعة المبادرة أول الزوال حيث لا نافلة فيهما يزاحم الوقت.
ويشهد له صريحاً : موثقة محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري : « لا القدم ولا القدمين ، إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين وبين يديها سبحة ، وهي ثمان ركعات ، فإن شئت طوّلت وإن شئت قصّرت .. » إلخ (١).
وعليه فالأحسن أن يقال : إن مبدأ وقت الفضيلة هو الزوال ، وبعد الفراغ عن النافلة فقد يكون بمقدار القدم ، وقد يكون أقل ، وقد يكون أكثر حسب اختلاف أمد النافلة قصراً وطولاً.
والمتحصل من جميع ما قدمناه : أنّ ما عليه المشهور من تحديد مبدأ العصر بالمثل الظاهر في اختصاص ما بينه وبين الزوال بالظهر لا شاهد عليه ، بل الحق ما عليه الماتن قدسسره من كون مبدئهما معاً هو الزوال ، وأنّ الوقت مشترك بينهما ، هذا كله من حيث المبدأ.
وأما من ناحية المنتهي : فالصحيح ما عليه المشهور ومنهم الماتن من انتهاء وقت فضيلة الظهر بالمثل ، والعصر بالمثلين.
ويدلُّ عليه جملة من النصوص المتقدمة :
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٣٤ / أبواب المواقيت ب ٥ ح ١٣.