الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) (١) أن كل جزء من الآنات الواقعة بين الحدين صالح لإيقاع الصلاة فيه ، غير أنّ الروايات المفسرة قيّدت هذا الإطلاق وبيّنت أنّ وقت الظهرين من الزوال إلى الغروب ، والعشاءين منه إلى منتصف الليل ، فمقتضى الآية المباركة بعد ملاحظة هذا التفسير جواز إيقاع المغرب لدى الغروب ، فلو كنّا نحن وهذا المقدار من الدليل لم يكن في البين إبهام ولا ترديد ، لوضوح مفهوم الغروب عرفاً وعدم إجمال فيه ، فإنه عبارة عن استتار القرص في الأُفق الحسي وغيبوبته عن النظر من دون حاجب وحائل في قبال طلوع الشمس ، أي خروج العين عن الأُفق الشرقي.
فلا إبهام في شيء من المفهومين في حدّ أنفسهما ، غير أن الروايات الخاصة الواردة في المقام أورثت الاختلاف في تحديد مفهوم الغروب بين الأعلام.
والأقوال في المسألة ثلاثة :
الأول : أن الغروب يتحقق باستتار القرص وغيبوبته عن النظر كما مرّ ذهب إلى هذا القول جمع من الأعلام ، وقد أفتى به في المدارك صريحاً (٢) ، بل لا يبعد أن يكون هذا هو المشهور بين الأصحاب ، وإن كان القول الآتي أشهر والقائل به أكثر كما تفصح عنه عبارة المحقق في الشرائع حيث إنه بعد اختيار هذا القول قال : وقيل بذهاب الحمرة من المشرق وهو الأشهر (٣) فإن التعبير بالأشهر ظاهر في كون القول الآخر مشهوراً معروفاً بين الفقهاء. والحاصل أن هذا القول ليس شاذاً نادراً كما قد يتوهم.
الثاني : أن العبرة بذهاب الحمرة المشرقية عن قمة الرأس ، فلا يكتفى بمجرد الاستتار عن الأُفق الحسّي ، بل اللازم بلوغ الشمس تحت الأُفق إلى درجة
__________________
(١) الإسراء ١٧ : ٧٨.
(٢) مدارك الأحكام ٣ : ٥٣.
(٣) الشرائع ١ : ٧٢.