الجمعة ، وصلاة الجمعة في يومها. بل إن الاستدلال بها عجيب جدّاً ، ومن هنا لم يتعرض المحقق الهمداني قدسسره للجواب إلا بقوله فيه ما لا يخفى (١).
إذ يرد عليه أوّلاً : أن الصلاة الوسطى إما أن يراد بها صلاة الظهر كما هو المشهور أو العصر كما قيل ، وأما الجمعة فلم يفسّرها بها أحد ولا قائل بذلك ولا وردت به رواية ، نعم أرسل الطبرسي عن علي عليهالسلام أن المراد بها الظهر في سائر الأيام والجمعة في يومها (٢) وهي رواية مرسلة لا يعتمد عليها.
وثانياً : مع التسليم ، فالأمر بالمحافظة إرشادي نظير الأمر بالإطاعة فلا يتضمن بنفسه حكماً تكليفياً مستقلا ، بل مفاد الأمر حينئذ الإرشاد إلى التحفظ على الصلوات ، ومنها صلاة الجمعة الثابت وجوبها من الخارج على ما هي عليها وعلى النهج المقرر في الشريعة المقدسة ، بما لها من الكيفية والقيود المعتبرة فيها ، فلا بد من تعيين تلك الكيفية من الخارج ، من اشتراط العدد والحرية والذكورية ونحوها ، ومنها الاختصاص بزمن الحضور وعدمه ، فكما لا تعرّض في الآية لتلك الجهات نفياً وإثباتاً ولا يمكن استعلام حالها منها ، فكذا هذه الجهة كما هو واضح جدّاً.
وأما السنة : فبطائفة من الروايات ، ولا يخفى أن هذه الروايات كثيرة جدّاً ، بل قد أنهاها بعضهم إلى المائتين ، ولا يبعد فيها دعوى التواتر ، بل لا ينبغي الإشكال في تواترها إجمالاً بمعنى الجزم بصدور بعضها عن المعصوم عليهالسلام ، على أن جملة معتداً بها منها صحاح أو موثقات ، وفيها مع قطع النظر عن غيرها غنى وكفاية ، فلا مجال للتشكيك في السند ، ونحن نُورد في المقام جملة منها ونوكل الباقي إلى المتتبع.
فمنها : صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام « قال : إنما فرض الله
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ٤٤٠ السطر ١.
(٢) مجمع البيان ١ : ٥٩٩.