أقول : القرينة وإن صحت لكنا في غنى عن ذلك ، لما ذكرناه في محله (١) من وثاقة المكفوف أيضاً ، فالرجل موثق والرواية معتبرة على التقديرين ، ومن ثم لم نناقش لحدّ الآن في الروايات الواردة عن أبي بصير بصورة الإطلاق ولم نتصد لتعيين المراد.
على أنها مروية بسند آخر ، وهو ما رواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم كما أشار إليه صاحب الوسائل في ذيل الصحيحة الآتية ، فلا ينبغي النقاش فيها بوجه.
ثانيتهما : صحيحة علي بن عطية عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه « قال : الصبح ( الفجر ) هو الذي إذا رأيته كان معترضاً كأنه بياض نهر سوراء » (٢).
ونوقش في سندها أيضاً باشتمال طريق الصدوق إلى ابن عطية على علي بن حسان المردد بين الواسطي الثقة والهاشمي الضعيف ، لتأليفه تفسيراً باطنياً لم يوجد فيه من الإسلام شيء.
ويندفع : بأن المراد هو الواسطي لا غير كما صرح به الصدوق في بعض الروايات التي يرويها عن علي بن عطية ، وأما الهاشمي فهو لا يروي إلا عن عمّه عبد الرحمن بن كثير في تفسيره ولم تعهد له رواية عن ابن عطية ولا عن غيره. على أن كلا من الكليني والشيخ (٣) رواها بطريق صحيح. فالمسألة لا إشكال فيها.
بقي شيء : وهو أن ظاهر تعليق الإمساك على التبين في قوله تعالى ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (٤) إن للتبين موضوعية في تعلق الحكم وتحقق الفجر ، فما دام لم ير البياض المنتشر في
__________________
(١) معجم رجال الحديث ٢١ : ٨٩ / ١٣٥٩٩.
(٢) الوسائل ٤ : ٢١٠ / أبواب المواقيت ب ٢٧ ح ٢.
(٣) الكافي ٣ : ٢٨٣ / ٣ ، التهذيب ٢ : ٣٧ / ١١٨.
(٤) البقرة ٢ : ١٨٧.