ومنها : صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام « قال : صلاة الجمعة فريضة والاجتماع إليها فريضة مع الإمام ، فإن ترك رجل من غير علة ثلاث جمع فقد ترك ثلاث فرائض ، ولا يدع ثلاث فرائض من غير علة إلا منافق » (١) السند صحيح والدلالة ظاهرة كما مرّ.
إلى غير ذلك من الروايات التي لا يسعنا التعرض لجميعها وهي لا تخفى على المراجع.
ولا يخفى أن هذه الروايات الكثيرة العدد وإن كانت قوية السند واضحة الدلالة على الوجوب كما عرفت ، ولا مجال للتشكيك في شيء منها ، غير أنها برمّتها لا تدل على الوجوب التعييني بخصوصه إلا بالإطلاق ، وإلا فلا صراحة في شيء منها في ذلك ، وإنما الصراحة والظهور في أصل الوجوب الجامع بينه وبين التخييري ، والإطلاق وإن كان حجة يعوّل عليه في تعيين الأول كلّما دار الأمر بينهما كما ذكر في محله (٢) إلا أنه مقيّد بعدم قيام القرينة على التقييد ، وفي المقام شواهد وقرائن تمنع من إرادة الوجوب التعييني ، فلا مناص من الحمل على التخييري.
أما أوّلاً : القرينة العامة التي تمسكنا بها في كثير من المقامات وأسميناها بالدليل الخامس ، وهي أن الوجوب التعييني لو كان ثابتاً في مثل هذه المسألة الكثيرة الدوران لظهر وبان وشاع وذاع ، وكان كالنار على المنار كسائر الفرائض الخمس اليومية ، ولم يختلف فيه اثنان كما لم يختلف فيها ، مع أنك عرفت (٣) التسالم وقيام الإجماع على نفي الوجوب التعييني من قدماء الأصحاب ، بل أنكر بعضهم المشروعية رأساً كابن إدريس وسلار ، وإنما حدث الخلاف من زمن الشهيد الثاني ومن تأخر عنه ، فلو كان الوجوب ثابتاً
__________________
(١) الوسائل ٧ : ٢٩٧ / أبواب صلاة الجمعة ب ١ ح ٨.
(٢) مصباح الأُصول ٢ : ٤٤٩ وما بعدها.
(٣) في ص ١٤.