ذاته ، فيجوز الإتيان بها من أوّل الليل حتى اختياراً ، لا أن التوسعة ناشئة من الضرورة فإنها لا تقتضيها كما سمعت (١).
ويندفع : بأنّ ما دل على التحديد بالنصف ممّا تقدم قابل للتخصيص بغير خائف الجنابة ، وليس مما يأبى ويمتنع عنه إذا ساعده الدليل ، وقد دل الدليل على ثبوت التوسعة له ولغيره من المعذورين ، ومقتضى الصناعة ارتكاب التقييد الذي ليس هو بعزيز في الفقه فيلتزم به ولا ضير فيه.
ولا يقاس ذلك بالظهرين وغيرهما من الفرائض ، لعدم نهوض أيّ دليل ثمة على التقديم لأيّ أحد ، ولو قام لالتزمنا به أيضاً كالمقام وارتكبنا التقييد بمناط واحد.
وعلى الجملة : لا يثبت بالدليل المزبور إلا التوسعة لخائف الجنابة لا لعامة المكلفين ليدل على جواز التقديم حتى في حال الاختيار كما لعله واضح.
فتحصل : أنّ الأصح ما عليه المشهور من التوقيت بمنتصف الليل للمختار وإن كان واسعاً منذ أوّل الليل بالنسبة إلى المعذور.
وأما المقام الثاني : فالمشهور بل لعله المتسالم عليه امتداد الوقت إلى طلوع الفجر الصادق ، ونسب إلى السيد المرتضى قدسسره انتهاؤه بطلوع الفجر الكاذب (٢).
ولكنه لا دليل عليه ، بل إن الأدلة الناطقة بالتعجيل في صلاة الليل لمن خاف مفاجاة الصبح وطلوعه ، وأنه يكتفي حينئذ بقراءة الحمد ، أو أنه يبدأ بالوتر كما في الروايات الآتية ، حجة عليه ، ضرورة أنّ الخوف المزبور إنما يكون بعد الفجر الأول الكاذب إذ لو كان قبله لم يكن وجه للبدأة بالوتر ، فإن الأفضل إيقاعها ما بين الفجرين.
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ٥٠ السطر ١٦.
(٢) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٥٦.