تحصيل المقدمات التي يفوت بتركها الواجب في ظرفه عقلاً ، فعدم التصدي والإهمال في ذلك المستوجب لترك الواجب فسق وعصيان ، وبه يسقط صاحبه عن صلاحية الاقتداء به ، فكيف أمر بالائتمام به في تلك الأخبار.
والمتحصل من جميع ما قدمناه لحدّ الآن : أن الروايات التي استدل بها الخصم وإن كانت ظاهرة في الوجوب التعييني بالظهور الإطلاقي ، إلا أنه لا يسعنا الأخذ بهذا الظهور لأجل تلكم القرائن والشواهد التي منها بعض نفس تلك الأخبار كما عرفت فلا مناص من حملها على الوجوب التخييري.
بقي في المقام روايات أُخر استدل بها على الوجوب التعييني ، وفي بعضها ما لا يقبل الحمل على الوجوب التخييري.
منها : الروايات التي أُنيط الوجوب فيها على مجرد اجتماع سبعة من المسلمين من دون تعليق على شرط آخر ، وهي كثيرة وبعضها قوية السند ، كصحيحة زرارة قال : « قلت لأبي جعفر عليهالسلام على من تجب الجمعة؟ قال : تجب على سبعة نفر من المسلمين ، ولا جمعة لأقل من خمسة من المسلمين أحدهم الإمام ، فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمّهم بعضهم وخطبهم » (١) ونحوها غيرها ، فان المستفاد من ذيلها أنه مهما اجتمعت السبعة وجبت الجمعة من دون فرق بين زمني الحضور والغيبة بمقتضى الإطلاق.
والجواب : أن الرواية إن كانت ناظرة إلى بيان شرط الواجب وما يعتبر في صحة الجمعة وانعقادها ، فهي حينئذ أجنبية عن محل الكلام بالكلية كما لا يخفى.
وإن كانت ناظرة إلى بيان شرط الوجوب وأنه معلّق على مجرد وجود السبعة كما عليه مبنى الاستدلال ، وهو الظاهر منها بقرينة السؤال الذي هو عن نفس الوجوب ، إذ الإعراض عنه والتعرض لبيان حكم آخر كما هو مبنى الاحتمال الأول خلاف الظاهر بعيد عن سياق الكلام.
__________________
(١) الوسائل ٧ : ٣٠٤ / أبواب صلاة الجمعة ب ٢ ح ٤.