وأما إذا كانت ناظرة إلى ما قبله فهذا الظهور ملغى بطبيعة الحال ، وتكون تلك الجملة محمولة على نفي الكمال ، ضرورة أنّ ذلك هو مقتضى التعبير بأفضلية القضاء بالنهار الكاشف عن اشتراكهما في أصل الفضيلة ، غير أنّ القضاء أفضل ، وحيث إنّ الاحتمالين من المتكافئين ولا ترجيح في البين فلا جرم يعرضها الإجمال ولا تصلح للاستدلال. إذن فيكون ظهور النصوص المتقدمة في كون المبدإ أوّل الليل سليماً عن المعارض.
ثم إنك قد عرفت فيما سبق عند التكلم حول منتهى الوقت أنّ آخره طلوع الفجر الثاني ، لنصوص دلت عليه وقد تقدمت ، ومقتضى ذلك أنّ الإتيان بنافلة الليل بعد الطلوع قضاء ، كما وأنه قبل البدأة بالفريضة مرجوح أو ممنوع حسب الخلاف في حكم التطوع في وقت الفريضة من الحرمة أو الكراهة كما سيأتي.
وعليه ، فالأفضل البدأة بالفريضة والتصدي لصاحبة الوقت ، حذراً عن التطوع المزبور الذي هو مرجوح على أقل تقدير.
غير أنه قد وردت في المقام نصوص تضمنت البدأة بالنافلة قبل فريضة الفجر إلى أن يتضيق وقتها :
منها : صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سألته عن صلاة الليل والوتر بعد طلوع الفجر ، فقال : صلها بعد الفجر حتى يكون في وقت تصلي الغداة في آخر وقتها ، ولا تعمّد ذلك في كل ليلة ، وقال : أوتر أيضاً بعد فراغك منها » (١).
ومنها : صحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري في حديث قال : « سألت أبا الحسن الرضا عليهالسلام عن الوتر بعد الصبح ، قال : نعم قد كان أبي ربما أوتر بعد ما انفجر الصبح » (٢).
ومنها : صحيحة جميل بن دراج قال : « سألت أبا الحسن الأول ( عليه
__________________
(١) ، (٢) الوسائل ٤ : ٢٦١ / أبواب المواقيت ب ٤٨ ح ١ ، ٢.