وثانياً : بقصور الدلالة بنحو ما مرّ في الصحيحة ، فإن قوله عليهالسلام : « فان له رخصة » بيان للترخيص الثابت من قِبل الله تعالى الذي هو حكم من الأحكام ، لا أنه إعمال لحقه المختص به عليهالسلام.
وأما رواية إسحاق ، فمضافاً إلى ضعف سندها بمحمد بن حمزة بن اليسع ومحمد بن الفضيل حسب نقل صاحب الوسائل ، لترددهما بين الموثق وغيره ، قاصرة الدلالة أيضاً ، فإنّ ظاهر الإسناد في قوله : « فقد أذنت له » وإن كان إلى الامام إلا أنه ليس بما هو إمام بل بما هو مبيّن للحكم الإلهي ويفرغ عن لسان الشارع المقدّس ، نظير ما يقوله المجتهد للمستفتي : أذنت لك في كذا ، أو لا آذن أن تفعل كذا ، فان الجميع بيان عن الحكم الثابت في الشريعة المقدّسة ، ولا خصوصية للإمام أو المجتهد بما هو كي يكشف عن الحق والاختصاص.
وقد تلخّص من جميع ما تقدّم عدم اشتراط إقامة الجمعة بالإذن الخاص ، لضعف مستند القائلين بالاشتراط ، فلا فرق في مشروعيتها بين عصري الحضور والغيبة عملاً بإطلاق الأدلة ، كما أنها غير واجبة تعييناً ، لقيام الدليل على العدم كما مرّ مستقصى. ونتيجة ذلك هو الوجوب التخييري على التفصيل الذي تقدم ، هذا كله بحسب ما تقتضيه الأدلة الاجتهادية.
وأمّا بالنظر إلى الأصل العملي فنقول : لو أغضينا النظر عن كل ما ورد في صلاة الجمعة من دليل يقتضي الوجوب تعييناً أو تخييراً أو الحرمة وفرضناها كأن لم تكن ، فتخرّجنا من المسألة ولمّا نجزم بشيء ، فالمرجع حينئذ هي العمومات أو الإطلاقات الدالة على وجوب سبع عشرة ركعة على كل مكلف في كل يوم ، ونتيجة ذلك تعين الظهر يوم الجمعة كسائر الأيام.
ولو فرضنا التشكيك في ذلك ، لعدم ثبوت عموم أو إطلاق في تلك الأدلة فلا محالة ينتهي الأمر إلى الأصل العملي ، وصور الشك حينئذ أربع :
الاولى : أن يتردد الأمر بين وجوب الجمعة تعييناً أو تخييراً بعد الجزم بأصل