فصل في القبلة
وهي المكان الذي وقع فيه البيت شرّفه الله تعالى من تخوم الأرض إلى عنان السماء (*) للناس كافة القريب والبعيد ، لا خصوص البنية (١).
______________________________________________________
(١) لا ريب في كون القبلة هي الكعبة المكرمة في الجملة لكافة المسلمين من القريبين والنائين ، بضرورة الدين وتصريح الكتاب المبين والروايات المستفيضة التي سنشير إليها ، كما لا ريب في عدم كون المراد بها البنيان والحيطان المشتملة على تلك الأحجار الكريمة بل الفضاء والمكان المشغول بتلك البنية وإلا لزالت القبلة بزوال تلك الأبنية عند خرابها وانهدامها لا سامح الله وهو مقطوع العدم ، بل اللازم حينئذ استقبال نفس المكان بلا كلام.
إنما الإشكال في أنّ القبلة هل هي خصوص ذلك الفضاء المشغول بذاك البناء وما يعلوه بمقدار يلحق به عرفاً ، أو أنها من تخوم الأرض إلى عنان السماء؟ المشهور هو الثاني بل ادعي عليه الإجماع في بعض الكلمات ، بل قد صرح بعضهم بسراية الحكم إلى مطلق المساجد ، بل مطلق الأملاك فرتب آثار المسجدية والملكية من تخوم الأرض إلى عنان السماء.
والذي دعاهم إلى الالتزام بذلك في المقام تصحيح صلاة من يصلي في مكان أرفع من البيت كقلل الأجبال أو أخفض كالسراديب والآبار ، زعماً منهم توقف الصحة على هذا المبنى وكونها ثمرة مترتبة عليه ، وإلا فاستقبال
__________________
(*) لا أصل لذلك.