ولا يعتبر اتصال الخط من موقف كل مصل بها بل المحاذاة العرفية كافية (*) ، غاية الأمر ان المحاذاة تتسع مع البعد ، وكلما ازداد بعداً ازدادت سعة المحاذاة كما يعلم ذلك بملاحظة الأجرام البعيدة كالأنجم ونحوها ، فلا يقدح زيادة عرض الصف المستطيل عن الكعبة في صدق محاذاتها (**) كما نشاهد ذلك بالنسبة إلى الأجرام البعيدة ، والقول بأن القبلة للبعيد سمت الكعبة وجهتها راجع في الحقيقة الى ما ذكرنا ، وإن كان مرادهم الجهة العرفية المسامحية فلا وجه له (١).
______________________________________________________
فضلاً عن المعنى فيطمأن عادة لو لم يقطع أنها هي بعينها ، فيجري فيها ما مرّ من وجه الضعف ، وعلى تقدير التعدد فيكفي إرسالها في الضعف.
ومنها : ما في العلل عن محمد بن الحسن عن الصفار عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار عن الحسن بن سعيد عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن أبي غرة قال « قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : البيت قبلة المسجد ، والمسجد قبلة مكة ، ومكة قبلة الحرم ، والحرم قبلة الدنيا » (١) ورجال السند كلهم موثقون ما عدا الراوي الأخير فإنه مجهول ، على أن الرواية مشتملة على زيادة لم تذكر في غيرها ولم يوجد قائل بها ، وهي كون مكة قبلة الحرم ، وهذه تزيدها وهناً.
وكيف كان ، فهذه الروايات كلها ساقطة ، فالتفصيل باطل.
(١) قد أشرنا إلى تصريح غير واحد من الأعلام بأن قبلة البعيد هي جهة
__________________
(*) هذا عند عدم التمكن من إحراز محاذاة نفس العين ، وإلا فتجب محاذاة نفسها لحدبة الوجه التي تكون نسبتها إلى دائرة الرأس بالسبع تقريباً ، فاذا وقع البيت بين القوس الواقع على أُفق المصلي المحاذي للقوس الصغير الواقع على الحدبة فالمحاذاة حقيقيّة.
(**) مرّ اعتبار المحاذاة الحقيقيّة.
(١) الوسائل ٤ : ٣٠٤ / أبواب القبلة ب ٣ ح ٤ ، علل الشرائع : ٣١٨ / ٢.