فذلك هو الاستقبال ، وإن كان على حادة أو منفرجة فهو إلى ما بين المشرق والمغرب (١).
توضيح كلامه : أنا إذا لاحظنا نقطتي المشرق والمغرب الاعتداليين أي في الوقت الذي يعتدل فيه الليل والنهار ويتساويان وفرضنا خطاً مستقيماً متصلاً بينهما على نحو يمرّ بسطح الكعبة فهذا الخط هي جهة الكعبة ، وحينئذ فالمصلي النائي لو اتجه نحو هذا الخط فان كان اتجاهه بحيث لو فرض خروج خط مستقيم من نظره متصل إلى ذاك الخط يتشكل منهما زاويتان قائمتان أي يكون كل منهما بمقدار تسعين درجة فذاك استقبال للجهة ، وإن كان الخط المزبور متمايلاً نحو الشرق أو الغرب بحيث يحصل من تقاطعه مع الخط الأول زاوية حادة وأُخرى منفرجة فذاك من التوجه إلى ما بين المشرق والمغرب ، الذي يحكم فيه أيضاً بصحة الصلاة عند العجز عن استقبال الكعبة وجهتها.
ولا يخفى أن هذا الذي أفاده قدسسره في تفسير الجهة أمر معقول في حد نفسه ولا غرابة فيه.
والإيراد عليه بامتناع مرور الخط الخارج ما بين المشرق والمغرب الاعتداليين بسطح الكعبة لانحرافها عنه إلى الشمال في غير محله ، فإنه خلط بين الخط المزبور وبين خط الاستواء ، والممتنع مروره عليه إنما هو الخط الثاني الذي طرفاه نقطتا المشرق والمغرب الحقيقيين القاسم لكرة الأرض إلى قسمين متساويين ، والحاصل من تقاطعه مع خط نصف النهار الذي طرفاه القطب الشمالي والجنوبي أربعة أقسام متساوية لكرة الأرض ، فإن مثل هذا الخط يمتنع مروره بسطح الكعبة لانحراف مكة عن خط الاستواء بمقدار إحدى وعشرين ونصف درجة إلى ناحية الشمال كما أُفيد.
__________________
(١) التنقيح الرائع ١ : ١٧٨.