إحداهما ماراً على الأُخرى مختلفة معها عرضا ، فان كان بعدها من خط الاستواء أكثر من بعد مكة أي زادت عليها عرضاً فكانت طبعاً شماليها فقبلتها نقطة الجنوب ، وإن كان أقل فنقصت عرضا أو كانت البلدة واقعة في طرف الجنوب من خط الاستواء فكانت طبعاً بالإضافة إلى مكة جنوبية فقبلتها نقطة الشمال ، هذا فيما إذا اتفقت البلدة مع مكة طولاً واختلفتا عرضاً.
وأما لو انعكس الأمر فاتفقتا عرضاً ، أي في مقدار البعد عن الاستواء فكان خط المشرق والمغرب المار بإحداهما ماراً بالأُخرى ولكن اختلفتا طولاً ، فان كانت شرقي مكة فقبلتها نقطة المغرب ، وإن كانت غربيها فنقطة المشرق. وإن شئت فقل : إن زادت طولا فكانت أبعد من مكة إلى الجزائر الخالدات فقبلتها نقطة المغرب ، وإن نقصت فنقطة المشرق.
وأما إذا اختلفتا في الطول والعرض معاً فان كانت البلدة واقعة ما بين المغرب والجنوب فنقصت عن مكة طولاً وعرضاً فقبلتها ما بين المشرق والشمال ، وإن كانت واقعة ما بين الشمال والمشرق فزادت عليها طولا وعرضاً فقبلتها ما بين الجنوب والمغرب فكان انحراف البلدة عن نقطة الشمال إلى المشرق موجباً لانحراف القبلة عن الجنوب إلى المغرب ، وإن زاد طول مكة ونقص عرضها فالقبلة ما بين الجنوب والمشرق ، وإن انعكس فما بين المغرب والشمال.
والحاصل : أن قبلة البلاد تعيّن على هذا الأساس. ويتضح ذلك برسم دائرة بعد تسوية الأرض وتقسيمها أقواساً أربعة متساوية ذات أربع زوايا حادة كل زاوية تسعون درجة ليكون مجموع الدائرة ثلاثمائة وستين درجة ، ثم وضع البلدة في موضعها من الدائرة بنسبة الطول والعرض ، ثم رسم خط منها إلى مكة بعد افتراضها في مركز الدائرة ومنها إلى المحيط ، ثم ملاحظة مقدار التفاوت بين موضع التقاطع وبين أحد الجوانب الأربعة فذلك المقدار هو مقدار الانحراف ، وبذلك تعرف قبلة البلدة على سبيل التحقيق.