فإنه عنوان وجودي منتزع من عدم الإتيان في مجموع الوقت ، ولا حالة سابقة له كي تستصحب ، نعم يجري الاستصحاب في منشأ الانتزاع ، لأن ذات الصلاة قد أتى بها ، وأما إيقاعها إلى القبلة فمشكوك فيستصحب عدم الإتيان بالصلاة إلى القبلة ، لكن إثبات عنوان الفوت الملازم لذلك الذي هو الموضوع للحكم بمثل هذا الاستصحاب من أظهر أنحاء الأصل المثبت ، فهذا التفصيل هو الوجيه ، ومنه يظهر فساد الاحتمالين الأولين.
بقي في المقام شيء وهو أنه لا إشكال في أن الانحراف جهلاً إلى اليمين أو الشمال فضلاً عن الاستدبار موجب للإعادة لو كان الانكشاف في الوقت ، كما لا إشكال في أن الاستدبار موجب للقضاء لو كان في خارجه. وهل الانحراف إلى اليمين أو الشمال موجب للقضاء أم لا؟ فيه خلاف ، والأقوى عدم الوجوب. وسيجيء التعرض لكل ذلك في بحث الخلل إن شاء الله تعالى.
وعلى المختار من عدم وجوب القضاء لو كان الانحراف إلى اليمين أو الشمال لا يكاد يتصور انكشاف الخلاف في المقام ، أما لو كانت الجهات الممكنة التي صلى إليها ثلاثاً فظاهر ، لأنه لو صلى إلى الشمال والمشرق والمغرب مثلاً فتبين بعد الوقت أن القبلة كانت في نقطة الجنوب فالقبلة واقعة في يمين المصلي أو يساره ، إذ لم يكن البعد بينه وبينها أكثر من تسعين درجة قطعاً ، والمفروض أن الانحراف إليهما لا يوجب القضاء وإنما الموجب الاستدبار وهو غير متحقق كي ينكشف خلافه. وكذا الحال لو كانت الجهات الممكنة ثنتين ، فلنفرض الجهتين المشرق والمغرب ، فإن القبلة لو كانت في نقطتي الجنوب أو الشمال كانت في يمين المصلي أو يساره اللذين لا يوجب الانحراف إليهما القضاء على الفرض ، ولو كانت بينهما وبين المشرق أو المغرب فالأمر أوضح ، لوقوعها حينئذ فيما بين المشرق والمغرب.
وبالجملة : الموجب للقضاء على هذا المبنى إنما هو الاستدبار ، ولا