جوانب ، فيقسم دائرة الأُفق إلى ثلاثة أقواس ويصلي في كل قوس ، إذ البعد بين كل قوس حينئذ مائة وعشرون درجة ، فغاية الانحراف ستون درجة الذي هو أقل من التسعين.
وأما إذا بنينا على وجوب التكرار إلى جهات أربع استناداً إلى مرسلة خراش المتقدمة (١) كما عليه المشهور ، فحيث إنّ المتبادر منها أن تكون الجهات متقابلة فيستفاد منها أنّ غاية الانحراف المغتفر لدى الاشتباه إنما هو بمقدار خمس وأربعين درجة ، ضرورة أنّ التكرار لدى تقابل الجهات يوجب القطع بعدم الانحراف عن القبلة أكثر من هذا المقدار ، إذ البعد بين كل جهة وأُخرى تسعون درجة الذي هو ربع دائرة الأُفق فنصفه خمس وأربعون ، فان كانت القبلة أقرب إلى جهة منها إلى الأُخرى كان الانحراف أقل من خمس وأربعين بالضرورة ، وإلاّ بأن كانت في الوسط الحقيقي بين الجهتين فكانت النسبة متساوية من الجانبين ، كان الانحراف خمساً وأربعين درجة لا أكثر كما هو ظاهر.
وهذه الوجوه المذكورة في هذه المسألة كلها مبنية على هذا المبنى الأخير ، أي لزوم عدم الانحراف عن القبلة أكثر من خمس وأربعين الذي هو لازم مسلك المشهور كما عرفت.
وحينئذ نقول : المتعين من بين الوجوه الثلاثة المتقدمة (٢) إنما هو الوجه الأول والأخير ، بأن يشرع في الثانية بعد استكمال جهات الاولى ، سواء صلى إلى نفس تلك الجهات أو إلى جهات اخرى متقابلات كما أشرنا إلى هذا التعميم في المسألة السابقة ، أو أن يصلي الثانية في كل جهة صلى إليها الاولى.
وأما الوجه الثاني ، وهو الإتيان بالثانية في غير الجهة التي صلى إليها
__________________
(١) في ص ٤٣٧.
(٢) في ص ٤٦٥.