نعم ، من كان ملتزماً بأن لا يروي بلا واسطة إلا عن الثقة كما يظهر ذلك من النجاشي فلا ريب أن روايته عنه توثيق له ، لكن من الواضح أنّ الصدوق وكذلك الكشي لم يكونا كذلك.
كما أن الترضّي أو الترحم لا يكشفان عن التوثيق ، بل غايته صدور عمل حسن استوجب ذلك ، ولا ريب أنّ التشيع نفسه خير عمل يستوجبهما ، وقد جرت عادة الصدوق على الترضّي على كل إمامي من مشايخه ، كما أن الأئمة عليهمالسلام كانوا يترحمون على شيعتهم كافة وعلى زوار الحسين عليهمالسلام خاصة وفيهم البرّ والفاجر ، فترضّيه على أحد لا يكشف إلا عن تشيعه ، وترحمه لا يزيد على ترحمهم عليهمالسلام ولا يكاد يكشف عن التوثيق بوجه.
وأما اعتماد الكشي على ابن قتيبة فلم يتضح وإن حكاه النجاشي ، فإنا لم نجد بعد التتبع التام ما عدا روايته عنه في مواضع عديدة دون ما يشهد على اعتماده عليه (١) وقد عرفت أنّ مجرد الشيخوخة لا يكشف عن الوثاقة.
وأما تصحيح العلامة للحديث أو توثيقه للراوي فالظاهر أنه لا يعوّل على شيء منهما.
أما الأوّل : فلبنائه على تصحيح رواية كل إمامي لم يرد فيه قدح ، وتضعيفها من غير الإمامي وإن ورد فيه توثيق فضلاً عن المدح ، إلا من قام الإجماع على قبول روايته ، ويتضح ذلك بملاحظة عدّة مواضع من كتابه.
فمن الأوّل : ما ذكره في ترجمة إبراهيم بن هاشم حيث قال : لم أقف لأحد من أصحابنا على قول في القدح فيه ، ولا على تعديل بالتنصيص ، والروايات
__________________
(١) غير خفي أن الواصل إلينا من رجال الكشي هو خصوص ما اختاره الشيخ الطوسي وقد كان تمامه موجوداً عند النجاشي ومعه كيف يسعنا إنكار ما يحكيه من الاعتماد ، والعمدة في الجواب ما صرّح به سيدُنا الأُستاذ قدسسره ، في المعجم ١٣ : ١٧١ من أنه يروي عن الضعفاء كثيرا ، كما صرّح به النجاشي في ترجمته فلا يكشف اعتماده عن التوثيق.