وأما المطلقات التي استند إليها الأردبيلي فيما مال إليه من جواز الإتيان بأقل من الركعتين أو الأكثر ، وهي إطلاق ما دل على استحباب صلاة إحدى وخمسين ، أو استحباب التنفل للظهر ثمان ركعات وهكذا.
فيرد عليه : أن تلك الروايات ليست في مقام البيان إلا من ناحية العدد والكمية المعتبرة في النوافل ، ولا نظر فيها إلى كيفياتها حتى ينعقد الإطلاق ، ومن هنا لا يصح التمسك بها لنفي سائر الجهات كما لعلّه واضح جدّاً.
فاتضح أنّ شيئاً من القولين لا يمكن الاستدلال له بالأدلة الاجتهادية.
فيقع الكلام حينئذ فيما يقتضيه الأصل العملي في المقام فنقول :
ذكر صاحب الحدائق أن مقتضى الأصل حينئذ هو الاشتغال ، لأنّ العبادة توقيفية ، فتحتاج كيفية المشروعية كأصلها إلى الإذن ، والمتيقن منه هما الركعتان ، ولم يثبت إذن بالأقل أو الأكثر إلا في مورد معيّن ، فلا يسوغ التعدي بعد عدم شمول الإذن لغيره ، بل مقتضى القاعدة الاحتياط ، للشك في مشروعية غير الكيفية المعهودة ما لم يتحقق الإذن (١).
واعترض عليه المحقق الهمداني قدسسره بأن المقام مجرى للبراءة دون الاشتغال ، إذ الشك في اعتبار التسليم في الركعة الثانية أو قدحه في الركعة الأُولى راجع إلى الشك في الشرطية أو المانعية في الأقل والأكثر الارتباطي ، ومثله مورد للبراءة كما حقّق في الأُصول.
نعم ، هذا فيما إذا شك في الكيفية بعد الفراغ عن أصل المشروعية كما في الرواتب اليومية.
وأما إذا شك في مشروعية نافلة من رأسها كصلاة أربع ركعات بتسليمة واحدة في يوم الغدير الواردة في خبر ضعيف ونحو ذلك ، بحيث كان الشك في أصل الاستحباب النفسي لا في الجزئية أو الشرطية أو المانعية للمركب
__________________
(١) الحدائق ٦ : ٧٦.