وقع حوافر(١) فرسه جدوا في السير ، وكان يتلوهم ، فإذا ارتحلوا قال(٢) هو ذا عسكر محمد قد أقبل ، فدخل أبوسفيان مكة فأخبرهم الخبر ، وجاء الرعاة والحطابون فدخلوا مكة فقالوا : رأينا عسكر محمد ، كلما رحل أبوسفيان نزلوا يقدمهم فارس على أشقر يطلب آثارهم ، فأقبل أهل مكة على أبي سفيان يوبخونه.
ورحل النبي صلىاللهعليهوآله والراية مع علي عليهالسلام وهو بين يديه ، فلما أن أشرف بالراية من العقبة ورآه الناس نادى علي عليهالسلام : أيها الناس هذا محمد لم يمت ولم يقتل ، فقال صاحب الكلام الذي قال : الآن يسخر بنا وقد هزمنا : هذا علي والراية بيده ، حتى هجم عليهم النبي صلىاللهعليهوآله ونساء الانصار في أفنيتهم على أبواب دورهم ، وخرج الرجال إليه يلوذون به ويثوبون(٣) إليه ، والنساء نساء الانصار قد خدشن الوجوه ، ونشرن الشعور ، وجرزن النواصي ، وخرقن الجيوب ، وحزمن(٤) البطون على النبي صلىاللهعليهوآله ، فلما رأينه قال لهن خيرا ، وأمرهن أن يتسترن(٥) ويدخلن منازلهن ، وقال : إن الله عزوجل وعدني أن يظهر دينه على الاديان كلها ، وأنزل الله على محمد (ص) : « وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا » الآية(٦).
بيان : قوله : فلان وفلان ، أي أبوبكر وعمر ، قوله : أثخنته الجراحة ، أي أوهنته وأثرت فيه.
قوله : فلما أسقط ، هذا لا يدل على أنه قتل في تلك الوقعة ، فلا ينافي ما هو المشهور بين أرباب السير والاخبار أنه بقي بعد النبي صلىاللهعليهوآله ، فقيل : إنه قتل
___________________
(١) في المصدر : : حافر فرسه.
(٢) في المصدر : قالوا.
(٣) يتوبون خ ل.
(٤) حرصن. حرضن خ ل. وفى المصدر : حرمن.
(٥) يستترن خ ل. وهو الموجود في المصدر.
(٦) الروضة : ٣١٨ و ٣٢٢ ، وذكرنا موضع الاية في صدر الباب.