سن الصلاة لكل مسلم قتل(١) صبرا. قال معاوية بن أبي سفيان : ولقد رأيت أبا سفيان يلقيني إلى الارض فرقا من دعوة خبيب ، وكانوا يقولون : إن الرجل إذا دعي عليه فاضطجع زلت عنه الدعوة ، فلما بلغ النبي صلىاللهعليهوآله هذا الخبر قال لاصحابه : أيكم يختزل خبيبا عن خشبته؟ فقال الزبير أنا يا رسول الله وصاحبي المقداد بن الاسود فخرجا يمشيان بالليل ويكمنان بالنهار حتى أتيا التنعيم ليلا ، وإذا حول الخشبة أربعون من المشركين نيام نشاوى(٢) ، فأنزلاه ، فإذا هو رطب يتثنى لم ينتن منه شئ بعد أربعين يوما ، ويده على جراحته وهي تبض دما ، اللون لون الدم ، والريح ريح المسك ، فحمله الزبير على فرسه وساروا فانتبه الكفار قد فقدوا خبينا فأخبروا قريشا فركب منهم سبعون ، فلما لحقوهم قذف الزبير خبينا فابتعلته الارض فسمي بليع الارض ، فقال الزبير : ماجرأكم علينا يا معشر قريش؟ ثم رفع العمامة عن رأسه ، فقال : أنا الزبير بن عوام(٣) ، وأمي صفية بنت عبدالمطلب ، وصاحبي المقداد بن الاسود أسدان رابضان يدفعان عن أشبالهما ، فإن شئتم ناضلتكم ، وإن شئتم نازلتكم ، وإن شئتم انصرفتم ، فانصرفوا إلى مكة وقدما على رسول الله صلىاللهعليهوآله(٤).
بيان : مرثد كمسكن ، وخبيب كزبير ، والدثنة ككلمة ، والموسى بضم الميم وفتح السين : ما يحلق به ، والاستحداد : الاحتلاق بالحديد ، والشلو بالكسر : العضو ، والجسد من كل شئ ، والتمزيع : التفريق ، وتمزعوه بينهم : اقتسموه.
___________________
(١) في الامتاع : وكان اول من سن الركعتين عند القتل.
(٢) جمع النشوان : السكران.
(٣) في المصدر : العوام.
(٤) المنتقى في مولود المصطفى : ١٢٣ و ١٢٤. الباب الرابع فيما كان سنة اربع من الهجرة. أقول : وفى الامتاع : وحبس زيد بن الدثنة عند نسطاس مولى صفوان بن امية ، وتولى قتله نسطاس.