أبوسفيان الخروج ، وقدم نعيم بن مسعود الاشجعي مكة ، فقال له أبوسفيان : إني قد واعدت محمدا وأصحابه أن نلتقي ببدر ، وقد جاء ذلك الوقت ، وهذا عام جدب ، وإنما يصلحنا عام خصب ، وأكره أن يخرج محمد ولا أخرج ، فيجترئ علينا ، فنجعل لك فريضة(١) يضمنها لك سهيل بن عمر وعلي أن تقدم المدينة وتعوقهم عن الخروج ، فقدم المدينة وأخبرهم بجمع أبي سفيان وما معه من العدة والسلاح فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : والذي نفسى بيده لاخرجن وإن لم يخرج معي أحد واستخلف على المدينة عبدالله بن رواحة ، وحمل لواءه علي عليهالسلام وسار معه ألف و خمسمائة ، والخيل عشرة أفراس ، وخرجوا ببضائع لهم وتجارات ، وكانت بدر الصغرى مجتمعا تجتمع فيه العرب وسوقا يقوم لهلال ذي القعدة إلى ثمان تخلوا منه ، ثم تتفرق الناس إلى بلادهم ، فانتهوا إلى بدر ليلة هلال ذي القعدة ، وقامت السوق صبيحة الهلال ، فأقاموا بها ثمانية أيام وباعوا تجارتهم فربحوا للدرهم درهما و انصرفوا ، وقد سمع الناس بمسيرهم ، وخرج أبوسفيان من مكة في قريش وهم ألفان ، ومعه خمسون فرسا حتى انتهوا إلى مر الظهران ، ثم قال : ارجعوا فإنه لا يصلحنا إلا عام خصب يرعى فيه الشجر ، ويشرب فيه اللبن ، وهذا عام جذب ، فسمى أهل مكة ذلك الجيش جيش السويق ، يقولون : خرجوا يشربون السويق ، فقال صفوان بن أمية لابي سفيان : قد نهيتك أن تعد القوم قد اجترؤا علينا ورأونا قد أخلفناهم ، ثم أخذوا في الكيد والتهيؤ لغزوة الخندق ، وفيها رجم رسول الله صلىاللهعليهوآله اليهودي واليهودية في ذي القعدة ، ونزل قوله تعالى : « ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون » وفيها حرمت الخمر ، وجملة القول في تحريم الخمر أن الله تعالى أنزل في الخمر أربع آيات نزلت بمكة : « ومن ثمرات النخيل و الاعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا(٢) » فكان المسلمون يشربونها وهي لهم حلال يومئذ ، ثم نزلت في مسألة عمر ومعاذ بن جبل : « يسألونك عن الخمر و
___________________
(١) في المصدر والامتاع : عشرين فريضة.
(٢) النحل : ٦٧.