فإن الايمان يمنع منه « ويبين الله لكم الآيات » الدالة على الشرائع ومحاسن الآداب كي تتعظوا وتتأدبوا « والله عليم » بالاحوال كلها « حكيم » في تدابيره « إن الذين يحبون » يريدون « أن تشيع » أن تنتشر « الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة » الحد والسعير(١) إلى غير ذلك « والله يعلم » ما في الضمائر « وأنتم لا تعلمون » فعاقبوا في الدنيا على ما دل عليه الظاهر ، والله سبحانه يعاقب على ما في القلوب من حب الاشاعة « ولو فضل الله عليكم ورحمة » تكرير للمنة بترك المعاجلة بالعقاب للدلالة على عظم الجريمة ولذا عطف(٢) « و إن الله رؤف رحيم » على حصول فضله ورحمته عليهم ، وحذف الجواب وهو مستغنى عنه لذكره مرة « يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان » بإشاعة الفاحشة « ومن يتبع » إلى قوله : « بالفحشاء والمنكر » الفحشاء : ما افرط قبحه [ قبيحه ] والمنكر ما أنكره الشرع « ولولا فضل الله عليكم ورحمته » بتوفيق التوبة الماحية للذنوب و شرع الحدود المكفرة لها « ما زكى » ما طهر من دنسها « منكم من أحد أبدا » آخر الدهر « ولكن الله يزكي من يشاء » بحمله على التوبة وقبولها « والله سميع » لمقالهم « عليم » بنياتهم.
« ولا يأتل » ولا يحلف أو ولا يقصر ، روي أنه نزل في أبي بكر وقد حلف أن لا ينفق على مسطح بعد ، وكان ابن خالته ، وكان من فقراء المهاجرين « أولو الفضل منكم والسعة » في المال « أن يؤتوا » على أن لا يؤتوا ، أو في أن يؤتوا « أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله » صفات لموصوف واحد أي ناسا جامعين لها لان الكلام فيمن كان كذلك ، أو لموصوفات أقيمت مقامها ، فيكون أبلغ في تعليل المقصود « وليعفوا » ما فرط منهم « وليصفحوا » بالاغماض عنهم « ألا تحبون أن يغفر الله لكم » على عفوكم وصفحكم وإحسانكم إلى من أساء إليكم « والله غفور رحيم » مع كمال قدرته فتخلقوا بأخلاقه « إن الذين يرمون
___________________
(١) في المصدر : بالحد والسعير.
(٢) ولذا عطف قوله : وان الله.