أمّا أوّلاً : فلأنّ مقتضاه اختلاف الحكم باختلاف الأشخاص ، فالثوب المنسوج من صوف المعز مثلاً لا يجوز الصلاة فيه بالإضافة إلى من حرم أكله عليه فعلاً لجهة من الجهات من الضرر أو الغصب ونحوهما ، وتجوز الصلاة فيه بعينه بالإضافة إلى غيره ممن لم يحرم عليه الأكل. بل يختلف الحكم في شخص واحد بالإضافة إلى حالاته ، فلا تجوز في الثوب المزبور في حال حرمة أكل لحمه لأجل الضرر مثلاً ، وتجوز في نفس الثوب بعد ارتفاع الضرر. بل يختلف في شخص واحد بتعدد الزمان ، فلا يجوز اللبس في نهار شهر رمضان لحرمة أكل لحم الحيوان المتخذ منه اللباس فعلاً على الصائم ، ويجوز فيه بعينه في الليل لارتفاع التحريم حينئذ. وأيضاً مقتضى ذلك جواز الصلاة في أجزاء السباع لمن اضطر إلى أكلها ، وعدم الجواز في نفس ذاك الجزء لغيره ، بل له أيضاً بعد زوال الاضطرار.
وهذا كلّه كما ترى مضافاً إلى بعده في نفسه لا يحتمل أن يلتزم به الفقيه بل كاد أن يكون مخالفاً للضرورة كما لا يخفى.
وثانياً : أنّ الحرمة الفعلية مخالفة لظواهر النصوص المتضمنة كموثق ابن بكير وغيره لتنويع الحيوان إلى محرّم الأكل ومحلله ، فانّ ظاهر إسناد الحلّية أو الحرمة إلى الحيوان أنّ الحكم بهما من جهة اقتضاء ذات الحيوان ذلك وأنّه بنفسه يكون لحمه محلّل الأكل أو محرمة ، لا من جهة العوارض الشخصية من ضرر أو اضطرار أو صوم ونحوها مما تختلف به الحلّية والحرمة الفعليتين ، فانّ ذلك خلاف ظاهر إضافة الحكم إلى الحيوان نفسه كما لا يخفى.
وثالثاً : أنّا نقطع بعدم دوران الحكم جوازاً ومنعاً مدار حلّية اللحم وحرمته فعلاً ، ضرورة أنّ اللباس قد يكون متخذاً من حيوان مذبوح قبل سنين عديدة ، أو مجلوباً من البلدان النائية بعد ذبح الحيوان في أقصى البلاد الخارجة عن محل الابتلاء عادة ، فلا يكون الحيوان حينئذ محلل الأكل ولا محرّمه لانتفاء الموضوع من أصله أو لعدم الابتلاء به ، فليس هناك خطاب فعلي أصلاً