لحاظ العرض نعتاً ، وقد عرفت أنّ استصحاب العرض بوجوده المحمولي لا يثبت الاتصاف والوجود النعتي ، هذا ملخص كلامه قدسسره.
ويرد عليه أوّلاً : أنّ تقدّم مرتبة الجوهر على العرض وإن كان مسلماً إلا أنّ ذلك لا يستدعي انحصار لحاظ التقييد في ناحية الذات ، وعدم إمكان رعايته في ناحية العرض نفسه.
والسرّ أنّ وجود العرض في نفسه عين وجود في محلّه ، ولذا كان العرض والمعروض موجودين بوجود واحد ، ولا فرق بينهما إلا بالاعتبار. فالبياض مثلاً إذا لوحظ بحياله وبما هو شيء في نفسه مع إلغاء جهة الانتساب والاتصاف كان وجوده محمولياً ، وإذا لوحظ بما أنّه عرض قائم بالغير ومنتسب إلى المحل ووصف له كان وجوده نعتياً والمحلّ متصفاً به ، ويعبّر عنه حينئذ بالأبيض. فهما شيء واحد ذاتاً وأحدهما عين الآخر ، وإنّما الاختلاف بحسب اللحاظ والاعتبار.
وعليه فكما أنّ لحاظ الاتصاف والتقييد في ناحية الذات يغني عن لحاظ التقييد في ناحية العرض واعتبار كونه في خصوص هذا الموضوع ، ولا يبقي مجالاً له ولا للإطلاق فكذلك العكس ، فيغني اعتباره في العرض عن لحاظ التقييد في الجوهر ، ولا يبقي مجالاً لا له ولا للإطلاق. فأحد التقييدين يغني عن الآخر لا محالة ، وأيّا منهما لاحظه المولى ابتداءً لا يبقى معه مجال للسؤال عن التقسيم من حيث الإطلاق والتقييد في الآخر. فالمولى يمكنه التوصّل إلى غرضه وهو التقييد بأيّ من النحوين شاء. ومجرد سبق أحدهما في المرتبة لا يمنع عن ذلك كما هو ظاهر.
وثانياً : لو تمّ ما ذكره قدسسره لجرى هذا الكلام في مطلق المركّبات ، سواء كان المركّب مركباً من الجوهرين أم العرضين أم الجوهر والعرض في محلّ أو محلّين ، ولزم اعتبار الاتصاف على الإطلاق ، ضرورة أنّ مقارنة الجوهر مع جوهر آخر أو مع عرض في محلّ آخر ، وكذا مقارنة العرض مع عرض آخر